لا تزال المرأة السعودية تعرب عن معاناتها من بعض الأنظمة التي تراها مجحفة لها كمواطنة كاملة الأهلية، وبين تلك الأنظمة يقف نظام “المعرف” كعائق أساسي في طريق شعور المرأة بحق المواطنة على حسب رأيها. حيث تعتبر أن هذا النظام يخضعها لابتزاز بعض الرجال في حياتها، مقابل من يقوم بالتعريف عنها، سواء أكان ذلك من أولياء أمرها فعليًا، أو اللجوء لاستئجار معرف غريب، وهو ما يوقعها في دائرة تزوير الأوراق الرسمية. “المدينة” ناقشت مع أهل الاختصاص السبب الذي أجبرت فيه المرأة على اعتمادها بمعرفين. بداية يذكر المحكم المعتمد وعضو المحكمين بوزارة العدل المستشار القانوني علي الأنصاري أننا بحاجة إلى فتح أقسام نسائية في جميع الدوائر الحكومية وتفعيلها لتعني بشؤون المرأة والاعتراف بهويتها، وأوضح أن ظاهرة المعرف لم تنتشر إلا لأن المرأة بحاجة ملحة إلى من يعرف لها لاسيما مع إصدار بطاقات الهوية الشخصية للمرأة. وحول انتشار الظاهرة يضيف الأنصاري: لم تنتشر ظاهرة التعريف بأجر أو بمقابل مادي إلا عندما تأكد المعرفون من حاجة المرأة الملحة لهم، وضرورة إثبات شخصيتها، أو أقوال من تدعي أنها هي المعنية بالأمر سواءً في المحاكم وكتابات العدل أو في الأحوال المدنية أو غيرها من الجهات، والمستفيد الوحيد من كل هذه الإجراءات والتي قد يحفظ القانون حقوقها ويحميها من بعض المزورين المتخفين تحت مسمى “معرف” مع التحفظ على كونها ظاهرة بالفعل ووجود حالات فردية لا تقبل التعميم، فإن أجهزة الدولة تتصدى لمثل هذه التصرفات وتوقع العقوبات النظامية والشرعية على من يثبت عليه مثل هذه السلوكيات المنحرفة، وبخصوص المعرفين المزورين أي الذين يثبتون شخصية امرأة لا يعرفونها فيفترض أصلًا توفر علاقة قرابة أو نسب ما تسمح للمعرف بالتعريف كالأبوة والبنوة والأخوة وغيرها، والجهة الطالبة للتعريف هي المختصة بالتحقق من تلك الصفة وانطباقها على المعرف من عدمها. واقترح المحامي باسم عالم حول حل هذه المعضلة أن تصدر الدولة نظامًا يحتم على كل كبير وصغير ومتزوج أو مطلق، وعلى كل أرملة أو آنسة ووفقًا للقوانين أن تستخرج بطاقة أحوال، حتى لا يذهب حق المرأة ويضيع دون أن اللجوء لمعرف، ومن يتقاضى مبالغ طائلة عندما يقوم بتسهيل مهمتها بشكل غير قانوني فيدخل الآن في عقوبات جزائية من الدولة. ومن جهتها ترى الأخصائية الاجتماعية سماح عبدالرحمن: أن المعرف في وقتنا الحالي يقيد المرأة ويلغي شخصيتها وكأننا نرجع للخلف بدلا من أن نتقدم ونعطي قدرا من القيمة للمرأة كمواطنة كاملة الأهلية في مزاولة نشاطها بنفسها وتولي أشغالها دون ولي أو معرف. وتتساءل سماح: أذن ما فائدة بطاقة الهوية التي أصدرناها ما لم نستخدمها في استخراج أوراقنا الرسمية بأنفسنا؟ فهناك العديد من النساء ليس لديهن احد يعرفهن فقد تكون وحيدة لا زوج ولا قريب، في هذه الحالة من أين لها بمعرف؟ لذلك فهي تضطر إلى الاستعانة بأحد غريب عنها وتدفع له مبالغ مالية كي يعرفها، وهنا تصبح لدينا مشكلة تزوير، فهذا الرجل لا يعرفها إضافة إلى كونه أجنبي. وتضيف سماح أرى أن عدم تفعيل دور بطاقة الهوية وإرغام المرأة على وجود محرم أو معرف بمثابة هتك لكرامتها وهضم لحقوقها كإنسانة ومواطنة حرة في بلد كفل حرية المرأة. ومن جهته أكد مدير إدارة الأحوال المدنية في جدة تركي الملافخ أنه لم يسمع بحالات ابتزاز للمرأة مقابل تعريفها، وإن حدث ذلك فبنسب قليلة للغاية، ولكن يحق للمرأة استخراج بطاقة أحوال خاصة بها بحضور ولي أمرها أو أحد من يُعرف عنها ومراجعة القسم النسائي، شريطة أخذ الموافقة من ولي أمرها.