قال الضَمِير المُتَكَلّم: إثْرَ غَضِب نبيِّ الله (يونس بن مَتّى) عليه السلام من قومه؛ ركب السفينة، وخلال الرحلة هاج البحر واضطرب، وثُقُلت السفينة بمن فيها، واقترب غرق الجميع؛ فكان القرار بإلقاء أحد الركاب؛ وكانت وسيلة الاختيار القرعة؛ التي اختارت يونس عليه السلام ثلاث مرات؛ حيث نُفذ الحكم فيه، وقُذَف في البحر ثم التَقَمَه الحُوت، الذي احتضنه في بطنه أربعين يومًا، ثم نجّاه الله بعظيم قدرته!! حادثة يونس عليه السلام تكررت مع الفارِق واختلاف التفاصيل في المدينةالمنورة مساء الأربعاء الماضي؛ والسبب خطوطنا السعودية؛ حيث كانت هناك رحلتان متجهتان إلى الرياض بعد صلاة العشاء، وكالعادة الدائمة ل (خطوطنا) تَمّ إلغاء الرحلة الثانية دون اعتبار لظروف المسافرين عليها، وما لديهم من التزامات أو مواعيد أو رحلات دولية مواصلة، وهنا اختلط الحابل بالنابل، وبدأ السباق نحو مقاعد الرحلة الأولى، وتدخلت الواسطات وظهرت العشوائية والفوضى! والنتيجة العديد من الركاب استقلوا الطائرة بأمر كروت الصعود؛ ولكنهم لم يجدوا مقاعد؛ فظلوا وقوفًا ينتظرون الحَلّ، ويبدو أن قائد الطائرة وأنظمة الطيران منعت سفرهم وقوفًا أما مسؤولو الخطوط فمن الواضح أن لا مانع لديهم حتى لو كان المسافرون على أجنحة الطائرة!! المهم بقيت الرحلة جاثمة على أرض المطار متأخرة أكثر من ساعة ونصف؛ بسبب زيادة عدد الركاب الذين تمسكوا بحقهم في السفر؛وكان مسؤولو (السعودية) في المطار حائرين يتلاومون، يتساءلون، ماذا يفعلون؟! ثم بعد التصفية مازال هناك زيادة راكب على الرحلة؛ حصل الهَرج والمرج، وارتفعت الأصوات، وكاد أن يحصل الاشتباك؛ فسوف تغرق الطائرة وركابها جَرّاء التأخير، والغريب أن هناك طاقما إضافيا من الخطوط احتل بعض المقاعد، ورفض أحدهم النزول فهم طبعًا يملكون الطائرة! وفي هذه اللحظات تبرع أحد الركاب وهو (الأستاذ عبدالعزيز الهليل) بالنزول من الطائرة، التي أقلعت بعدها؛ وكانت مكافأته أن يتأخر سفره إلى قُبَيل الظهر من يوم الخميس، ثم إضاعة أمتعته! طبعًا لا جديد (فالسعودية) في خدماتها تراجعت، وقد طرحت سابقًا اقتراحًا بأن تقيم الخطوط السعودية سباقات ماراثونية في الجَري لركابها قبل الرحلات؛ فهذه وسيلة عادلة للفوز بالمقاعد إذا كانت التقنية عاجزة عن معالجة مشاكلها! أخيرًا ما أحرص (خطوطنا) على المحافظة على حقوقها؛ فلها أصدرت الكثير من القوانين، كتحديد عدد الحقائب والوزن لكل راكب، وفرض غرامات مالية عليه في حال تعديل حجزه أو إلغائه؛ أما إذا كان المسافر هو المتضرر؛ فعليه أن يشرب من ماء البحر! طيب ما الحل؟ ونقول: مَرَض السعودية في بعض مسؤوليها،، والمرض مُزْمِن! ألقاكم بخير والضمائر متكلمة.