ردُّوا إليَّ مرابعي وصحابي وابكوا معي شجنًا على الأحباب واستوقفوا كلّ القوافل هاهنا وتساءلوا: كم مرَّ من أحقاب؟ وتوسَّموا في كلِّ وجهٍ عابرٍ يطأ الطريق بخافقٍ وثَّاب فلعلَّ ما بين الوجوه ملامحٌ مخبوءةٌ عن فطنة الألباب ولعلّ في لمع العيون حكايةً تفضي بها إيماضة الأهداب ما زلت في شجني القديم تعيد لي ذكرى الأحبّة صبوتي وشبابي فأرى الحياة بقلب طفلٍ جاهلٍ يتلمَّسُ الأشياء باستغراب و عود أسئلتي التي أشعلتها محسورةً تخطو بغير جواب فأحثُّ نفسي للمسير وأرتقي فوق الهضاب وما أنا بهضاب! لكنما هي خيلُ فكري سُرَّجٌ يركضن بي في عالمي ورغابي كالنحل يمرح في الحقول و ينتقي بين الزهور عرائس الأطياب والمرء في الدنيا أمير خياله يختال فيه بفكره الجَوَّاب إن شاء أقبل في ملاءة سيِّدٍ أو شاء طوَّق نفسه بحراب يبني له بلدًا و يهدم غيره فإذا له حرسٌ على الأبواب أو شاء أرجع للوصال حبيبه في طيف ليلٍ أو حديث كتاب كيما يعانقه ويلثم خدَّه ويذيبه في دمعه المنساب فالليل مسرحه الكبير،وناسه أفكاره في فتنة الجلباب والنور أسطره التي سكبت له في غفوة الأحلام عطرَ كعاب مَلِكًا يتوِّجهُ الخيالُ فلا يرى إلا المُنَى في بَرْقِهِ الخلاّب لكنّه يبقى أسير رغابه كالطفل بين مباهج الألعاب ورغائب الدنيا تلوح كبارقٍ يزهو بمبسم طفلةٍ جذّاب فإذا ظفرتَ بها ظفرتَ بقبضةٍ ملأى بكلّ خديعةٍ وسراب!