حمّل الدكتور حسن بن عايل يحيى، عميد كلية التربية بمحافظة جدة، مسؤولية التأخير في تعيين المعلمين وتوظيفهم لثلاث جهات رسمية، هي: وزارات التربية والتعليم، والخدمة المدنية والتخطيط، وأكد إيقاف القبول في التحصصات العلمية بالكلية لمدة أربع سنوات من أجل التوسع في أعداد المقبولين في أقسام التربية الخاصة. وقال في حواره ل “المدينة” إن “التربية” قررت “فجأة” وضع شروط لتأهيل المتقدمين لوظائف المعلمين، بعدما كانت تسير بالطريقة المتعارف عليها وهي التعيين المباشر للخريجين. وأضاف أن على وزارة الخدمة المدنية أيضًَا مسؤولية عدم توظيف المعلمين وتعيينهم، مشيرًا إلى أن بعض قرارات الوزارة تحتاج إلى تطوير لمواكبة تطور التعليم بالمملكة، وعلى ذلك فعلى الخدمة المدنية أن تقوم بتحديث تلك القرارات والشروط لإيجاد حلول مناسبة تتكفل بإنهاء معاناة المتقدمين لوظائف المعلمين. كما حمل بن عايل أيضًا وزارة التخطيط عدم مواكبتها حجم التنمية والنهضة في المملكة من خلال توفير الوظائف. كما رفض بن عايل أن يقع اللوم على كلية التربية في عدم تأهيلها للمعلمين، مؤكدًا أن الكلية تقوم بدورها في تأهيل المعلمين مباشرة لسوق العمل. وفيما يلي نص الحوار تطوير القرارات ** بداية كيف ترى انضمام كلية التربية بجدة (المعلمين سابقًا) إلى أجندة العمل بجامعة الملك عبدالعزيز؟ * في الحقيقة أن انضمام الكلية تحت أجندة العمل بجامعة المؤسس تعتبر نقلة نوعية ومميزة لتطوير التعليم بالكلية، من حيث تطوير برامج الاعتماد الأكاديمي والأبحاث والقبول والابتعاث والبنية التحتية، إضافة إلى خلفية البرامج الجيدة في تخريج دفعات من الطلاب في الكلية بنوعية مميزة وجودة عالية، والاستفادة من خبرة الجامعة في هذه المجالات. وأحب أن أشير هنا إلى أن الكلية قامت بقبول الطلاب لهذا العام بناء على نظام الجامعة في السنة التحضيرية، والذي أعتقد أنه سيكون له شأن كبير في تحديد ملامح ومواصفات المعلم المؤهل للوظيفة مستقبلًا. ** ما رؤيتك لما كانت تقوم به الكلية سابقًا من تأهيل الطلاب لإلحاقهم بوظائف التعليم، وما التغيرات الحالية خصوصًا أن الكثير من المعلمين يعانون من عدم تأهيلهم ووضع لوائح وأنظمة وصفت بالتعجيزية؟ * في الواقع كان يوجد تنسيق بين كلية التربية ووزارة التربية والتعليم مع وزارة الخدمة المدنية في السابق وحتى نهاية عام 1425ه، ولا أخفيكم التغيرات التي شهدتها المملكة من ناحية الوظائف، والتي دفعت وزارة التربية والتعليم إلى إسناد مهمة إيجاد وظائف المعلمين إلى وزارة الخدمة المدنية تحت شروط معينة كما هو الحال لبقية موظفي الدولة. ولكن لا يزال التنسيق من جانب التربية والتعليم بحكم أنها المستفيد، وذلك من خلال ما تقوم به وزارة الخدمة المدنية بعملية تدقيق البيانات والتأكد من صحتها ومن ثم متابعة المتقدم فيما يمتلكه من مؤهلات وخبرات لوظيفة المعلم. كما تسعى هذه الشروط إلى إيجاد معايير مناسبة لوظائف المعلمين والمساواة فيما بينهم حسب أسلوب “العرض والطلب”، والذي يسعى إلى اختيار الأفضل، كشرط اجتياز المعلم لاختبار “قياس” لمعرفة المؤهلين من المتقدمين للوظيفة، بخلاف النظام السابق والذي يقوم على تعيين المعلم مباشرة. فوزارة التربية والتعليم تبحث عن المعلم الأفضل والكفء لتحقيق أهدافها في تقديم تعليم ناجح ومتطور، فهي من حقها كمستفيدة أن تضع شروطًا ومعايير مناسبة لتأهيل المعلمين وتعيينهم حسب ما تراه مناسبًا لتقليل أعداد الخريجين من الكليات والجامعات، وذلك نظرًا لأن أعداد الطلاب الخريجين تشهد سنويًا ارتفاعًا، وبنفس الوقت تسعى الوزارة خلال تلك القرارات إلى امتصاص ردود أفعال المعلمين المرفوضين، كما أن الشروط التي وضعتها الخدمة المدنية تتماشى مع الخطة الاستراتيجية للدولة، ولكن يبقى على بعض القرارات تحفظات. 3 جهات مسؤولة ** البعض يضع اللوم على كليات التربية في عدم تأهيل الطلاب لسوق العمل، كيف ترى ذلك، وهل تعتقد أن تغير شروط التوظيف للمعلمين أثرت على مستوى القبول بالكلية؟ * لا أرى أن كليات التربية لا تقوم بدورها في تأهيل الطلاب الخريجين مباشرة لسوق العمل، فكليات التربية ولله الحمد تقوم بدورها في ذلك حسب احتياجات السوق، ولكن إذا وجد هناك أي خلل في عملية التأهيل فأنا أرى أن كلية التربية في هذه الحالة لا يقع على عاتقها المسؤولية الكاملة في عدم التأهيل للوظيفة. كذلك يجب على الجامعات أن تراعي ذلك التأهيل الذي يمثل أهمية كبرى. أما بالنسبة لتأثر القبول في الكلية فأعتقد أن شروط التوظيف للمعلمين أثرت في مستوى قبول الطلاب، حيث إننا بدأنا هذا العام بإعادة هيكلة الكلية بما يلائم احتياجات المعلم الحالية، فقمنا بإيقاف القبول بالتخصصات العلمية في الكلية لمدة أربع سنوات قادمة بخلاف القبول في تخصصات التربية الخاصة بنسبة كبيرة، ويأتي ذلك بناء على طلب وزارة التربية والتعليم، وذلك للتقليل من أعداد الطلاب الخريجين من التخصصات العلمية. ** ومن المسؤول في نظرك عن عدم تعيين الطلاب المتخرجين والمتقدمين لوظائف المعلمين؟ * أحٌمل هنا 3 جهات رسمية؛ وزارة التربية والتعليم نظرًا لأنها وضعت قرارات وشروطًا تسعى من خلالها لتأهيل المتقدمين للوظيفة واختيار الأفضل منهم فجأة ودون سابق إنذار أو إيجاد حلول، بعدما كان توظيف الطلاب الخريجين من الكلية مباشرة لوظائف المعلمين، فالوزارة كما ذكرت سابقًا ليست معنية بتوظيف كل من “هب ودب”، وليست معنية بالتوظيف بشكل مباشر، ولكنها تتحمل المسؤولية في هذه القرارات والشروط التي وضعتها. كذلك هو الحال للخدمة المدنية التي يجب عليها تحديث أنظمتها وقراراتها لإيجاد حلول متوسطة تكفل إنهاء معاناة المتقدمين لوظائف التعليم، بالإضافة إلى وزارة التخطيط التي من المفترض عليها أن تواكب حجم التنمية والنهضة في المملكة. وظائف ومهارات ** هل تعتقد أن تأهيل طلاب كلية التربية مباشرة لسوق العمل، كان ينطوي على نوع من هضم حقوق طلاب الجامعة في مختلف المناطق؟ * لا أعتقد ذلك، ولكن لا يجد طلاب كلية التربية في حقيقة الأمر سوى وظائف محصورة “معلمين”، بخلاف بقية الطلاب بالجامعات والذين يوجد لديهم إمكانات وفرص وفيرة، كما هو الحال في تخصص اللغة العربية والذي يعاني منه الطلاب الخريجون من الكلية بحكم أن التخصص في الكلية لا يلزم سوى وظيفة معلم بخلاف بقية الجامعات والذي يتفرع منه عدة وظائف للخريجين كمصحح ومدقق إملائي وغيره. ** يتحدث الكثيرون عن ضعف المستوى التعليمي لأعضاء هيئة التدريس بالكلية وافتقادهم مهارات التعليم الأساسية، ما حقيقة ذلك؟ * لا أخفيكم أنه لا يمنع أن يكون هناك قصور في مهارات وأداء أعضاء هيئة التدريس، ولكن تبقى هذه الأحكام طبيعية وتختلف نسبتها بين عضو لآخر. فالكلية وضعت برامج ودورات لتطوير مهارات المعلمين بها خلال برنامج زمني محدد، كمهارات التواصل والتخاطب في مركز التطوير الجامعي بجامعة الملك عبدالعزيز، وعليه أرى أننا لمسنا جوانب تطوير مهارات الأعضاء خلال الأعوام الخمسة الماضية. المعلم المعاصر ** ما أبرز الاحتياجات الأساسية التي تسعون لتحقيقها حاليًا، وما أهم الخطط المستقبلية؟ * في الحقيقة إن تأهيل معلمين حاصلين على قدر كبير من المعرفة والتقنية أمر مهم، حيث إن نسب مستوى التأهيل لمختلف كليات التربية بالمملكة تختلف، ولكن يبقى مطلب أساسي. أما بالنسبة للخطط المستقبلية للكلية، نسعى للتوجه مع مدير جامعة الملك عبدالعزيز ومسؤوليها نحو أن تكون جميع الخطط والمقررات الدراسية بالكلية معتمدة، وأن تعكس الجهد المطلوب لبقاء كليات التربية في المملكة، من خلال تقليل عدد الساعات في المقررات الدراسية بجودة أفضل من السابق، بحيث تتماشى مع مقتضيات العصر الحديث، كما أن للبرامج في جامعة المؤسس طابعًا آخر، حيث ان ما تقوم به الكراسي العلمية في نشر ثقافة الحوار والاعتدال، يعتبر من أهم الصفات والمهارات المطلوبة لأن يكتسبها المعلم، إضافة إلى اكتسابه المعلومة، وستكون لهذه المهارات شأن كبير لتوظيف المعلم وتعيينه وإعداد جيل يراعي تلك الاحتياجات، والتي أرى أن أغلب المعلمين يفتقدونها حاليًا.