تهاني السالم - جدة نشرت دراسة عن تأثير الفيس بوك والمواقع الاجتماعية على الحياة الزوجية وذكرت الدراسة التي أُجريت في أمريكا أن مواقع التواصل الاجتماعي كانت السبب وراء واحدة من كل خمس حالات طلاق في أمريكا وأكد المحامي المتخصص في شؤون الطلاق بنيويورك، ألان مانتل:"جوجل وفيس بوك وماي سبيس وتويتر تجعل من السهل إثبات خيانة شريك الحياة”. ولم يقف هذا التأثير فقط في الولاياتالمتحدةالأمريكية بل إن هناك حالات طلاق وقعت في العالم العربي جراء الافراط في استخدام المواقع الاجتماعية والإدمان عليها ولربما أدانت بعض الزوجات أزواجهن بالخيانة الزوجية من خلال الفيس بوك أو غيره، “الرسالة” فتحت ملف القضية مع المختصين وهل فعلًا المواقع الاجتماعية أثرت على العلاقات الزوجية؟ وهل شكلت زيادة في معدلات الطلاق؟ وغيرها من المحاور في ثنايا هذا الموضوع: علاقات مشبوهة شدّد د. نوف علي “الناشطة الاجتماعية” أن للمواقع والشبكات الاجتماعية تأثير على الحياة الزوجية فقالت: " فنحن كمجتمعات عربية لا نستخدم تلك التقنية بطريقة إيجابية وسليمة، وبعض الأزواج أدمن النت وربما يقضي معظم وقته متنقلًا بين الشات والشبكات الاجتماعية سواء الفيسبوك أو تويتر، ويتناسى أن هناك زوجة تنتظره وترغب بقضاء الوقت معه وتبدأ مرحلة الطلاق النفسي ويفقد الطرفان القدرة على التواصل ويعيش كل طرف بمعزل عن الآخر وله حياته المستقلة أشبه بالغرباء، وأيضًا هناك زوجات مهملات لأزواجهم وبيوتهم بحيث تهتم بالتدوين والحوارات ومنزلها تتهاوى أركانه، وقد يبحث الزوج عن أخرى سواء زوجه أو عشيقة حتى تعوضه عن ما يفتقده" وأضافت فقالت:"فالطلاق قد يقع لأتفه سبب فما بالك حينما يقضي أحد الأزواج معظم وقته بهذا العالم الافتراضي باحثًا عن الحوار وربما الإثارة، والترويح عن النفس مطلوب ولكن شرط ألا يستهلك معظم وقت الإنسان تلك الشبكات بالنهاية حياة افتراضية وعالم خيالي ينتهي بضغطة زر وحينما يتجاوز الأمر حدود المنطق والعقل تقع الكارثة والدخول في علاقات مشبوهة وربما الخيانة الزوجية ويفقد الإنسان استقراره وزوجته بسبب الركض خلف متعة وقتية! وهناك زيجات انتهت بالطلاق فعلًا بسبب الإنترنت بسبب إدمان الزوج للشات أو قيام الزوجة بعمل علاقة مشبوهة برجل آخر وإحدى الزوجات في مصر حصلت على الطلاق بسبب إدمان زوجها للنت حيث يقضي 8 ساعات يوميًا للحديث مع النساء! ثم وضحت د. نوف علي خطوات للعلاج فقالت:"الثقة بدون الثقة لن تكون هناك زيجة ناجحة، تحديد ساعات الدخول للإنترنت بحيث لا تؤثر على حياة الزوجين وعلاقتهم" تُغذية التواصل ومن جهة أخرى يختلف يُقلل د. حاتم الظاهري “عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى” من تأثير الشبكات الاجتماعية على الحياة الزوجية فيقول: “أعتقد أن الشبكات الاجتماعية تختلف من حيث طرحها وحدودها وأهدافها وقيمها، وسيكون الجواب على كل حال على حده إذا ما رمنا الضبط الجيد، وعلى كل حال فالأصل فيها أنها تغذي الطبيعة البشرية المتسمة بالحرص على التواصل الاجتماعي، فإن كانت مبنية على الوضوح التام للأشخاص والعلنية التي تراعي قواعد الشرع والأدب والأخلاق، فالأمر حينها سيكون طبيعيًا لا يؤثر سلبًا على حياتنا، أما عندما تتسم الشخصيات بالغموض فسيكون التعامل كالأشباح وحينها تتفلت الأخطاء بين حين وآخر حتى لو وجدت محاولات الكبح والتعقل، وحينها فمن الطبيعي أن تحدث الخلافات التي قد تقود إلى الفراق والطلاق عافانا الله والجميع من كل سوء، وأما توقعي بشأن معدلات الطلاق فهذا يعود على مستوى الوعي الجيد لمخاطر الأخطاء التي قد تقع ولو كانت بسيطة ومع أني أحب التفاؤل دائمًا إلا إنني أجده ضعيفًا جدًا هنا" وأضاف الظاهري موضحًا العلاج فقال: أولًا: التفاهم المتبادل بين الطرفين فإن وجدت مبررات المشاركة فلا بد أن تكون واضحة جدًا للطرف الآخر ومن حق الآخر ألا تخفى عليه من مشاركة الطرف الآخر خافية فإن كانت خيرًا تعززت وإن كانت شرًا تلاشت وذهبت" والآثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس"، ثانيًا: البعد عن الشبكات المشبوهة تمامًا "مهما كانت المبررات والضرورة تقدر بقدرها"، ثالثا: عدم إخفاء أي مشكلة تعرض لأحدهما مهما كانت بسيطة وطلب المشورة وعدم التدخل إلا عند الحاجة، رابعًا: الوضوح في الطرح في هذه الشبكات بحيث لا يكون ثمة غموض قد يتسرب لضعاف النفوس، خامسًا: إذا شعر أحد الطرفين بعدم ارتياح فالواجب مصارحة الطرف الآخر بأسلوب جيد وبدون تأخر وعلى الطرف الآخر تقبل الأمر بتعقل وتبرير الموقف بكل صدق ومواجهة الموقف بحزم والوصول إلى نقاط مرضية للطرفين، سادسًا: لابد ألا تكون هذه الشبكات متنفسًا لأنها لو كانت كذلك فهذا نذير بوجود خلل في حياته ولكن تكون متممة لطبيعته البشرية ورافدا لثقافته وآلية من آليات تنفيذ خطته في الحياة ومؤشرا لرسالته في الحياة" تغيّر كبير ويؤكد بدوره د. عبدالله بن سافر الغامدي “المختص بالعلاج النفسي والارشاد التربوي” أن الشبكات الاجتماعية أحدثت تغيّرًا كبيرًا في الاتصال والمشاركة بين الأفراد والمجتمعات وتبادل المعلومات، والتعارف بين الناس، وأضاف: “فهي سلاحٌ ذو حدين فربما تكون ذات منفعة وفائدة إذا أحسن استخدامها ومن الممكن أن تجر الويلات والمصائب إذا استخدمت بطريقة خاطئة من سلبياتها الإدمان وسلب الأوقات وإضاعتها وسهولة الحصول على الفساد والرذيلة، ولاشك أن الزوج غير الناضج ولا الواعي سيتأثر بالمشاهد المغرية والكلام المعسول، وربما تفسد الفكر والتفكير والمزاج والرضا العائلي”. وأضاف: “أما أسباب الطلاق فلعل ارتيادها من العوامل المستجدة في حدوث الخلافات الأسرية وربما الطلاق والعنوسة والتأخر عن الزواج، والعلاج مراقبة الله تعالى في السر والعلن الذي لا تخفى عليه خافية والتنظيم الجيد لوقت المستخدم وتخصيص صفحة في إحدى الشبكات للراغب في تقديم مشروع دعوي أو برنامج تربوي أو اجتماعي مع تحديد زمن يسير لا يتجاوز الساعة لذلك، ومعاقبة النفس بحرمانها من دخول الشبكة مدة إذا تجاوز الوقت المخصص”. العلاقة المتينة ومن جهة أخرى يؤكد د. بدر الروقي “المحامي والمستشار الشرعي والقانوني” على أن الاختيار الصحيح للزوجين يسهم في التوافق الفكري والتفاهم الزوجي فقال: “ينبغي أن نعلم أن الزواج ميثاق غليظ وشراكة حياة بين شخصين اتفقا على العيش معا مهما تقبلت الحياة واشتدت الظروف، ولذلك ينبغي أن تؤسس هذه الشراكة على أسس متينة تتخلص في التوافق الاجتماعي والفكري ووحدة الاهتمامات بالإضافة إلى فهم الآخر ومعرفة طريقة التعامل معه مع معرفة متطلبات هذه العلاقة وتبعاتها فكلما كانت هذه العوامل متوفرة كلما كانت الحياة الزوجية متينة، لا تتأثر بما يجد ويطرأ على هذه العلاقة إلا في أضيق الحدود وبصورة محدودة، ومن هنا نستطيع القول: إن مثل هذه الشبكات الاجتماعية لن تكون عاملًا مؤثرًا إلا حين تكون هذه العلاقة الزوجية واهنة لم تبن على أسس متينة وقواعد راسخة من الأساس، فحين تغيب الثقة بين الزوجين ويحضر الاتهام، فإن أتفه الأسباب كفيل بأن ينهي هذه الشراكة ويقوض أركانها لذلك فإن من البدهي إذا أردنا أن نحد من هذه المشكلة أو نحلها أن نوعي الأزواج بالطريقة الصحيحة لبناء شراكة الحياة وطرق عوامل نجاحها لا أن نبحث عن أسباب فشلها أو نلقي اللوم على شبكات اجتماعية أو حتى غياب عن المنزل أو قلة الاهتمام بالطرف الاخر لأن مثل هذه الأشياء يمكن أن توجد نتيجة فراغ وقتي أو عاطفي وغالبًا ما تكون محدودة ويسهل علاجها”.