( 1 ) في رأيي أن تصريح معالي وزير العمل المهندس عادل فقيه حول عدم سماح وزارته للمرأة باقتحام ميادين العمل التي تستلزم (التلاحم الجسدي)، هو أغرب تصريح يُدلي به مسؤول ما في العام الذي أوشك على الرحيل (2010). التصريح هو الأغرب، ليس على مستوى السعودية فقط، ولكن على مستوى العالم العربي، إن لم يكن على مستوى العالم الثالث ككل. وغرابة التصريح تكمن في الدلالة اللغوية المحيّرة للعبارة التي استخدمها معالي الوزير (التلاحم الجسدي). التلاحم الجسدي حالة لا يمكن أن تحدث في أي ميدان من ميادين العمل. المكان الوحيد لوقوع مثل هذا النوع من الالتحامات، هو ملاعب كرة القدم. وعلى حد علمي فإن مسألة السماح للنساء بمزاولة الرياضة في المدارس ما زالت -وربما ستظل إلى قرن مقبل- محل نظر، وموضع جدل.. فأي التحام يقصده معالي الوزير، وهو يتحدث عن توفير فرص العمل للنساء السعوديات؟! (2) المسؤول الكبير، وبالتحديد الوزير، يجب أن يتمتع بمعرفة جيدة بلغته الأم، حتى لا يدلي بتصريحات غامضة الدلالة، ولا يمكن أن يفهم منها الناس شيئًا. وهو ما حدث مع معالي وزير العمل المهندس عادل فقيه، عندما صرّح بأنه لن يسمح بتوفير فرص عمل للمرأة تسمح بوقوع (التلاحم جسدي). (3) ليس مطلوبًا من الوزراء، ومن مسؤولي الدولة أن يتحوّلوا إلى أدباء، أو كُتّاب. لكن إجادة استخدام اللغة هي واحدة من المقومات المطلوب توفرها في المسؤول؛ لأن عمله يقتضي الإدلاء بالتصريحات، والتعامل مع وسائل الإعلام. هذا جزء يقع في صميم عمل الوزراء، والمسؤولين الكبار. (4) التفكير عملية لغوية في المقام الأول. إذا لم تستطع أن تترجم فكرك إلى عبارات لغوية واضحة الدلالة، فإن ذلك يعني بأن عملية التفكير لم يتم نقلها بشكل سليم. وبالتأكيد فإن عبارة (التلاحم الجسدي) التي استخدمها معالي وزير العمل المهندس عادل فقيه، هي إحدى العبارات الأكثر غموضًا بالرجوع إلى السياق الذي تم استخدامها ضمنه. (5) ما زلنا ننتظر توضيحًا حول المقصود من عبارة (التلاحم الجسدي) يا معالي الوزير.