هاجم المفكر والناقد الدكتور عبدالله الغذامي بشدة من اسماهم ب “الليبراليين السعوديين”، ووصفهم بأنهم ليس لديهم “خطاب ثقافي” و”لا عمق فلسفي” و”لا أي أطروحات معتبرة”، وإنهم “مجرد كتبة مقالات في الصحف ويدّعون أنهم ليبراليون وهم أبعد ما يكونون عن الليبرالية”. وقال: “إنهم يهاجمون كل شيء.. ويرفضون أن يهاجمهم أو ينتقدهم أحد، بل يعتبرون من ينتقدهم من الموبقات”، مضيفاً: “أن من الموبقات أن تمس من اسموا انفسهم بالليبراليين وهم فقط لهم الحق أن يمسوا كل شيء، وإنهم فقط أصحاب الحصانة من النقد، أما غيرهم فلا حصانة له لديهم”. مشيراً إلى أنه دخل في مساجلات مع اربعة اتجاهات: الإسلاميين والحداثيين والروائيين والليبراليين، فالثلاثة الاوائل كان لديهم خطاب ومرتكزات أما الليبراليون فلا خطاب ولا مشروع لهم ولا توجد أي مجتمعية تعرفهم. جاء ذلك في محاضرة للدكتور عبدالله الغذامي أمس ضمن البرنامج الثقافي بكلية الاداب جامعة الملك سعود (تواصل)، تحت عنوان “الليبرالية الموشومة”، وأدارها الدكتور عبدالعزيز الزهراني أستاذ الإعلام بالجامعة والمشرف على البرنامج الثقافي. في البداية تعرّض الدكتور الغذامي لمفهوم “الليبرالية” وتطوره تاريخياً وفلسفياً، وتعرّف للمفهوم علمياً ومرتكزاته وفلاسفته ومفكريه: وذكر إنه تعرّض لهجوم شرس وشديد من التيار الليبرالي وصل الى حد اتهامه ب “المخرّف والكذاب”، وهي اتهامات كثيرة وُجهت اليه منها “عبده الماسوني”، بل وصل اتهامه ب “الخيانة”. ورأى الدكتور الغذامي أن فيه عيوبا كثيرة وهو يعترف بها، منوهاً بأنه مفكر وناقد ولم يرفع راية التغيير الاجتماعي، وقال: “أنا مفكر حر ولست من دعاة التغيير الاجتماعي”. وتعرّض لمعاركه مع الحداثيين، وقال: “إنها أخذت الكثير من جهدنا ووقتنا وأن كلمة الحداثة استنفدت الطاقات الكثيرة في الدفاع عن المصطلح”. ثم تطرّق إلى كيفية إطلاق وصف الليبراليين على بعض السعوديين، وأرجعها إلى المراسلين والإعلاميين الأجانب الذين يزورون المملكة ويكتبون عنها وعن التيارات والرؤى والافكار، وأضاف: “لقد جاء هذا الوصف على لسان الصحفيين الأجانب الذين يكتبون عنا، فهناك مؤسسات رسمية ومؤسسات دينية وهي كلها محافظة، إضافة إلى بعض -اسماهم ب ((شوية حداثيين))- لهم أحاديثهم المخالفة داخل المجالس وغير المجالس فأُطلق عليهم وصف الليبراليين”. وأكد الدكتور الغذامي أن الليبراليين السعوديين “مسمى لأناس غير واضحين فكرياً”، وليس لديهم رؤية محددة، عكس الإسلاميين والحداثيين، فهم مجموعة ساذجة مشوشة متناقضة في مفاهيمها ورؤاها ينطبق عليها تماماً وصف عبدالله العروي، وقال إن محمد سعيد طيب كان يطلق على نفسه ليبرالياً ثم تخلص من هذا الوصف إلى وصف “إصلاحي” وعبدالرحمن الراشد قال إن الليبرالية أندر عندنا في السعودية من الضبّان، واليسار العربي كان ينظر لليبرالية بأنها فاشية وعدوانية، بل وصل إلى رجمها بالتخوين. وتعرّض الدكتور الغذامي إلى تركي الحمد وورقته التي اساءت فهم الليبرالية في مؤتمر بالكويت وكيف لم يتقبّل من يطلقون على أنفسهم بالليبراليين حلقة من مسلسل “طاش ما طاش” الكوميدي الذي سخر منهم، وقال: “إن من ينادون بالليبرالية أول من سكت على إلغاء انتخابات الأندية الأدبية، بل إنهم أيضاً سكتوا عندما أعلن وزير الثقافة والإعلام إعادتها الآن وإنه لن يعيّن أي مجلس لنادي أدبي”، وأضاف: “هناك رؤساء أندية أدبية صرّحوا بتصريحات يندى لها الجبين”. وعاد الدكتور الغذامي ليؤكد قائلاً: “لست ليبرالياً ولم أكن ليبرالياً ولن أكون يوماً ليبرالياً”، وأضاف: “لا توجد أي فلسفة ليبرالية لليبراليين ولا مشروع إصلاحي ولا سياسي، بل لدينا فقط ليبرالية اقتصادية وصحفية من خلال مجموعة كتّاب مقالات، وكل أطروحاتهم مجرد ردة فعل”. معترفاً أنهم سوف يهاجمونه وسيفتحون عليه النار في مقالاتهم. المحاضرة حضرها حشد كبير من الاساتذة والطلاب اكتظت بهم القاعة ونُقلت عبر الدائرة التليفزيونية المغلقة إلى كليات البنات بعليشة، وحفلت المحاضرة بمداخلات ساخنة اتفقت واختلفت مع ما طرحه الدكتور الغذامي.