كثيرًا ما يطيش الأزواج، وفي كل مرة يطيشون تنطفئ النجوم في أوردة الزوجات، وتشتعل لياليهن بسعير الإهانة، ويختنقن بدخان التجاوز غير المسؤول. وفي كل مرة يطلبن المشورة، تكاد تتفق نصائح غير المجربين على ضرورة التحمّل والتضحية؛ لأن عاقبة الصبر الفرج لا محالة. فصديقة تقول: اصبري غدًا ينتهي الطيش، ويعود إليك، فكل اللاتي حوله هراء، وغير محترمات بدليل أنه اختارك أنت للزواج، وهن للعبث، وتلح عليها الجراح فتطلب مشورة من شيخ ما فيقول لها: إن كان يصلي احتسبي الأجر بالصبر على طيشه ونزقه لحين ينتهي الطيش! لا يلام الكثيرون في مجتمع تتفشى الذكورية في الشعيرات الدموية في تجاويف المخ والمخيخ إن استمر في التعاطي مع المرأة ككائن من الدرجة الثالثة بعد الرجل والأطفال! فهو يرى أنها خُلقت من أجلهم، وليس لها متطلبات تخصها، وليس بالضرورة أن تعيش لنفسها وسعادتها وصحتها النفسية والبدنية، ولهذا فعليها أن تكافئ الرجل الطائش على صلاته، وتصبر على إهاناته وخياناته وتضحي من أجل أطفاله، لكن ما يترتب على هذه التضحيات من مخاطر تهدد حياة المرأة وتربية الأطفال على نحو سوي متوازن، فإن مصادر طبية كثيرة تؤكد أن أكثر ما يسبب السرطان لدى المرأة هو الإحباطات الزوجية، وخيانات الشريك التي تتحمّلها قسرًا. ولا يستغرب أن يطالب الرجل المرأة بالتضحيات، ولا أن يستمرئ هذا التجاوز، لكن العجيب أن تبقى المرأة تعارك منظومة من المنغصات القاتلة، دون أن تمد نظرها للبعيد، وتسأل عن نهاية المطاف حين انتهاء الطيش: وماذا بعد؟ وماذا سيبقى لها؟! لن ينتهي الطيش إلاّ بعد أن يقضي على الشباب والحيوية والنضارة في الزوجين، وحين ينتهي ويعود (سي الطائش بسلامته) سيكون شبيهًا بمشروب غازي (رجّه الأطفال رجًّا مبرحًا)، وفتحوه، ونسوه في الثلاجة أسبوعين فَفَقَدَ (فقاعات الطيش)، ولم يعد إلاّ سعرات لا تستحق العناء، يعود بعد أن استهلكته المغامرات و(طفش من الطيش) محمّلا بالعلل، فمن كثرة ما أدمن الكلام الحلو أصيب بالسكر، ومن كثرة ما تزاحمت حوله الصديقات أصيب بالضغط، ومن كثرة ما ضاق بعتاب الزوجة أصيب بالقولون العصبي، ولكثرة ما أرهقته النفس اللوّامة أُصيب بالاكتئاب، حينها يعود لأنه يحتاج لممرضة، ومسؤولة تغذية، وستكون هذه الوظائف مكافأة مجزية للصابرة المحتسبة! ولهذا فلكل مَن تعاني من طائش ما لا يحترمها، ولا يحترم العلاقة معها، دعك من الصبر والتضحيات، فالطائشون لا يستحقونها، واستمعي لنصيحة هاني نقشبندي، وببساطة وشجاعة لا تصبري عليه بل اتركيه! [email protected]