«من هاب الرجال تهيبوه» شطر بيت شهير للإمام الشافعي ، وقبل أن أتم معناه ، أقول بداية ، بأنه (لا يعرف أقدار الرجال إلا الرجال ) والإنسان كما يقال ابن بيئته فالتربية الأولى التي تشرب منها التربية إيجابا أو سلبا ، سيكون نتاجها إن تربى عليها من والديه أو تلقاها وراثة من أحد أقاربه «فالعرق دساس» لكن عجبي ممن تشرب خلقا سيئا، ولا أظنه إلا عليه فطم، وهذا الخلق السيئ هو (داء العظمة ) الذي يشعر صاحبه والمصاب به ،بأن التكبر على الناس ،والالتحاف بالمظاهر البراقة ،والغرق فيها ،يضعه في مرتبة عالية عند الناس ، وأنه بهذا الخلق الممقوت يصبح قادرا على أن يقيس الناس والحياة من خلال منظاره الذي يعشقه ، فهذا شعور المساكين ،لكنه لا يعلم بأنه مسكين إلى درجة الإشفاق عليه، ممن يرون تصنعه الوجاهة والقسامة والرصانة ،وهو أبعد ما يكون عنها لأنها قيم أخلاقية عالية ،لا يمكن تصنعها ، والمصابون بداء العظمة، أو -(جنون العظمة ،أو أنفلونزا العظمة مقاربة مع أنفلونزا الخنازير والدجاج ) - في الأصل هم خالون الوفاض ولهذا فهم يلجأون للتعويض عن فقرهم الثقافي والاجتماعي والمادي بالمظاهر التي تكلفهم مقت الناس لهم ،وتكملة شطر العنوان في البيت الشهير لقائله الإمام الشافعي « من هاب الرجال تهيبوه .. ومن حقر الرجال فلن يهاب « فلا ينتظرون من أحد أن يبادلهم الاحترام ، بل هؤلاء المصابون بداء العظمة محتاجون أن يتلقوا دروسا في التواضع والاحترام والتقدير وهي قيم تضمن لهم لا المظاهر أن يحتلوا قلوب الناس وإلا فالناس ليسوا في حاجة إليهم فكما قال الإمام الشافعي « ففي الناس إبدال وفي الترك راحة «ولهذا فمثل هذه الفئة لا يؤسف عليها إن حضرت أو غابت مصداقا لقول المجرب الإمام الشافعي « فدعه ولاتكثر عليه التأسفا « والأديب ابن المقفع يقول : كنت إذا رأيت في غيري حسنا أتيته ، وإذا رأيت منه قبيحا أبيته ، وبهذا أدبت نفسي بنفسي « فهل يتأدب هؤلاء ؟ محمد إبراهيم فايع-خميس مشيط