فيما كشف استبيان أجرته المدينة عن أن 54% من السعوديين يرون أن المانع مجتمعي أمام قيادة المرأة للسيارة أكد فضيلة الشيخ الدكتور عيسى بن عبدالله الغيث القاضي بالمحكمة الجزئية بالرياض أن قيادة المرأة للسيارة ليست محرمة لذاتها وإنما محرمة لغيرها من المفاسدة المتوقعة عليها.. واستند الدكتور سليمان العقيل أستاذ الاجتماع بجامعة الملك سعود إلى مواقف معروفة من أنه لا مانع نظامي ولا محظور شرعي في قيادة المرأة للسيارة.. وخلص العقيل إلى أن المجتمع أفتى بأنه لا يوافق على ذلك. واكتفى المحامي والمستشار القانوني خالد أبوراشد بأنه لم يصدر حتى هذه اللحظة قرار يسمح للنساء بالقيادة ومن ثم هناك مانع قانوني.. وكان استبيان (المدينة) الذي شارك فيه 7646 شخصًا قد كشف عن أن 54% من المشاركين يرون المانع اجتماعيًا مقابل 26% يرون أنه ديني و20% يرونه سياسيًا. وطرح زائر آخر عدة تساؤلات منها أولًا: هل أعدت الطرق بالشكل الصحيح لمساعدة المرأة لأن طرقنا كلها أعدت للرجال ولم تراع ظروف المرأة وتكوينها.. هل هي مجهزة إذا تعطلت بها المركبة أو حادث لا سمح الله.. هل المسعفين فيهم نساء.. هل هناك شرطة نسائية.. هل يصرف لهن رخص قيادة في ظل الحجاب.. هل هناك مرور نسائي لمساعدتهن وتلبية احتياجاتهن.. هل هناك ورش سيارات خاصة في ظل الخصوصية التي تعيش فيها المرأة في بلادنا، أما الناحية الثانية فإنني أقولها بصرحة كل هذا غير مهم في نظر الكثير من النساء والشيء الذي يخاف منه المجتمع هو الأمن الأخلاقي والوازع الديني.. انظروا ماذا حدث في الأسواق والمتنزهات يجب قبل قيادة المرأة عمل توعية إعلامية عامة مسموعة ومقروءة وفي المدارس والمنزل والأسواق والشوراع ونشر ثقافة أهمية قيادة المرأة للسيارة. وعلقت زائرة على الاستبيان بقولها: إن داخل بعض البيوت أرامل ومطلقات ولا يوجد من يعينهم وأنا شخصيا واحدة منهن أسكن في بيت مع أطفالي وأحيانا لا أجد من يحضر لي الخبز وعندي أطفال صغار وأخواتي وأهلي بحي بعيد والله إننا ننام مرات بلا عشاء رغم توافر المال ولكن من يحضر لنا المأكل انتظر السائق الذي لا يأتي دائمًا بسبب مضيفة إن المرأة بحاجة أن تعطى ثقة أكبر وأن يسمح لها بالقيادة وبشروط مشيرة إلى أن المجتمع لن يتقبل الأمر مبدئيًا ولكن مع الوقت سوف يصبح أمرًا عاديًا مثله مثل العديد من المتغيرات والمستجدات التي رفضها المجتمع ثم أصبحت بعد ذلك من الضروريات. واقترح أحد الزوار أن يتم إنشاء شركة للنقل النسائي تقوم على تقديم الخدمة بشكل منظم وتقوم بقضاء حاجات النساء ومستلزماتهن وفق الشريعة الإسلامية في جميع أنحاء المملكة. وشاركه الرأي زائر آخر اقترح وجود شركات تقدم الخدمة عن طريق الاتصال الهاتفي كتوصيل المدارس وجلب الاحتياجات الضرورية ويكون بوجود محرم. مضيفًا أن الأمر موجود في أغلب المدن ومشيرًا إلى أنه بهذه الطريقة سوف تتخلص من السائق الأجنبي. الغيث.. مرحلة اختيار أما الشيخ د. عيسى بن عبدالله الغيث القاضي بالمحكمة الجزائية بالرياض فقال: إن قيادة المرأة للسيارة ليست محرمة لذاتها وإنما محرمة لغيرها من المفاسد المتوقعة التي قد تحدث، مضيفًا إنه يقترح أن يتم التعامل مع هذا الأمر من خلال التجربة العملية لاقناع الموافقين والمعترضين في آنٍ واحد مقترحًا القيام بمرحلة اختبار وذلك بأن يتم الاذن بقيادة المرأة للسيارة ضمن خطة محكمة وبشكل انتقائي وفي وقت معين من اليوم ويحدد له مدينة أو محافظة تختار بعناية ثم يتم تفريغ مجموعة من الشرعيين والقانونيين والنفسيين والاجتماعيين والأمنيين وغيرهم لمراقبة هذه التجربة وتعديلها بشكل مرن وسريع، بعدها يتم تقييم التجربة ووضع التوصيات المناسبة لها وبهذا يتم تحقيق المصالح ودرء المفاسد وسد باب الذرائع وتحقيق مناط أصول وقواعد ومقاصد الأحكام الشرعية. مشيرًا إلى أنه متى تحققت المصالح المعدومة حاليًا وانتفت المفاسد الواقعة حاليًا مع جلب المصالح ودرء المفاسد والموازنة عند الاقتضاء، فيجب حينئذ التقيد بذلك والالتزام فيه والاحتجاج به، حيث يقرر حينئذ السماح أو المنع بعد بيان أسبابه للجميع وبقناعة عامة من قبل المجتمع قبل صاحب القرار، لرفع الحرج عنه ويكون رغبة جماعية واجتماعية بالموافقة أو المنع. العقيل: لا مجتمعية من جهته قال أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود الدكتور سليمان العقيل: إنه من المعلوم بداهة أن المجتمعات تقوم على ما يسمى بالعقد الاجتماعي، وهذا العقد الاجتماعي هو الذي ينظم حياة الناس في أي تجمع بشري لتنتظم الحياة الاجتماعية وفق ما يتوافقون عليه، وهذا التوافق الاجتماعي القائم على العقد الاجتماعي هو عبارة عن النص الدستوري والمرجعية الاجتماعية الكبرى للمجتمعات عمومًا، حتى ولو تغيرت المجتمعات، فإنها تتغير من خلال هذا العقد وهذه المرجعية، وإذا حدث تغيرات فإن هذه التغيرات لا تكون في المحتوى الأساس للمجتمع أو تكون في القلب النابض له، نعم تحدث تغيرات ولكن هذه التغيرات تكون وفق الغالبية، إما إجبارًا أو مصلحة مؤقتة أو أنه تغير لا يحتمل الرضا المطلق من المجموعة الرئيسة المكونة للمجتمعات وهي الطبقة الوسطى منه، فهذه الطبقة هي التي تحمل محتوى المجتمع الأساسي وهي التي تحافظ على المجتمعات من الاهتزازات، وهي التي تحفظ ذاكرة المجتمع وتاريخه ومعظم حركة حياته، وبذلك تكون أكثر الفئات الاجتماعية حساسية من التغيرات وهي التي تعتمد عليها الحكومات والدول في حفظ توازن المجتمع. من هذه المقدمة نجد أن الاجابة على السؤال الذي طرحتموه، سهل جدًا، فالمجتمع السعودي بما يمثل من شريحة كبرى للطبقة الوسطى، فهي الحافظة لحركة حياته، وبما أن بعض الكتاب وبعض المثقفين الحوا كثيرًا على رأي الحكومة في إعطاء الضوء لقيادة النساء، فكانت الاجابة إننا لا نمانع إذا وافق المجتمع، وبما أن المشايخ وعلماء الدين يمثلون الرأي الاجتماعي وكذلك رأي الدين، وأن الدين الإسلامي دين سماحة، وهو دائمًا مع المصلحة المجتمعية، وقد الحت بعض الفئات لسبب أو لآخر على بعض العلماء، ونبذ باب سد الذرائع ودرء المفاسد أولى من جلب المصالح، وبعد هذا الالحاح، وجد أن بعض العلماء لا يحرمون هذه القضية، ومن ثم أحيلت القضية للرأي العام المجتمعي الذي أفتى وبوضوح أنه رغم هذه الموافقات المتسارعة والمتسرعة والمسيرة، أفتى المجتمع أنه لا يوافق على ذلك، فهذا أمر يخصه وحده دون سواه، فالمجتمع ينظر لمصلحته الشخصية وينظر للمفاسد المترتبة على ذلك، حتى ولو قال بها الدين أو قالت بها الحكومة، فالإقبال والاحجام هو من الناس الذين سوف ينظرون للنتائج المترتبة عليهم دون غيرهم. أبوراشد: مانع قانوني ومن وجهة النظر القانونية قال المحامي خالد أبوراشد: إنه وحتى هذه اللحظة لم يصدر قرار يسمح للنساء بالقيادة فبالتالي هناك مانع قانوني ولا يحق للمرأة في هذه الحالة القيام بالقيادة إلا إذا صدرت أوامر رسمية تتيح لها ذلك وعن عدم وجود قانون صريح يقر بمنع القيادة للنساء قال أبوراشد: إنه هناك حالات تم فيها منع المرأة ومعاقبتها وهذا يعني المنع وعن أحقية تقديم دعوى للمطالبة بهذا الأمر قال أبوراشد بأنه لا يحق التقدم بها لأن مثل هذه الأمور تتعلق بأنظمة الدولة وهي التي تقرر الأنسب للمجتمع.