حامد الرفاعي - جدة كشف نائب رئيس الجمعية الخيرية بينبع ورئيس التربية والتعليم السابق الشيخ عبدالرحيم الزليباني في حديث خص به “المدينة” عن مآثر وجهود عديدة للراحل الدكتور محمد بن عبده يماني -رحمه الله- ساهمت في إنشاء مساكن لفقراء بالقرى التابعة لينبع من خلال عرضه لظروف هؤلاء الفقراء أمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حيث تكللت هذه الجهود بإنشاء المشروع السكني للفقراء والمحتاجين في قرية “النباه” بمحافظة ينبع. وقال الشيخ الزليباني: قبل أكثر من عقد من الزمان وفي جلسة مع بعض الأخيار كنا نتذاكر أهل الفضل في مجتمعنا فبرز اسم معاليه -رحمة الله عليه- ليؤكد الحضور بالإجماع أنه الرجل القدوة الذي يحظى باحترام وتقدير الجميع، بل هو من خيرة رجال المجتمع الذين يشار إليهم بالبنان، ولا غرابة في ذلك فهو رجل دولة من الطراز الأول بل هو ملء السمع والبصر، وكم كنت أتمنى في تلك الفترة أن أحظى بشرف مقابلته والتعرف على هذه الشخصية الفذة عن قرب، فكان لي ذلك يوم أن زرته في مكتبه في برج دله بجدة لأعرض عليه إمكانية دعم بعض النشاطات المتعلقة بالشباب في محافظة ينبع وكذلك برامج ونشاط الجمعية الخيرية الاجتماعية، ولقد تملكتني الدهشة مما أرى فقلت سبحان الله رجل كألف من الرجال وقلّ أن يوجد أمثاله في هذا الزمان، لكنه التوفيق من الله والبركة حين يمنّ بها على من يشاء من عباده. كل ذلك مكّنه رحمة الله عليه باحتواء هذه المشاهد التي أراها أمامي.. اتصالات محلية ودولية.. وفود تتقاطر تملأ مكتبه.. ردهات المبنى تعج بالزائرين والمحتاجين محليًا وعربيًا وإسلاميًا، ومما زاد احترامي وإعجابي خروجه من مكتبه لتحيتي والاحتفاء بي قائلًا: ((مرحبًا يا زلباني كيف ينبع وأهلها))، يا لها من عبارات رقراقة صادرة من قلب محب رحيم لازال صداها يتردد في مسامعي.. ومنذ ذلك اليوم توثّقت العلاقة بيني وبين هذا الحبيب (أبي ياسر) محمد عبده يماني والذي كنا نفزع إليه بعد الله إذا ضاقت بنا الأمور وتعثرت برامجنا وأنشطتنا في أعمالنا الخيرية، فلا نجد منه إلا العون والمساندة بالمال والجاه. ومع أن المواقف كثيرة لا تحصى إلا أنني في هذه العجالة سأشيد بموقف واحد فقط لمعاليه وأسأله تعالى أن يجعله في موازين حسناته، وهو المشروع السكني في قرية “النباه” بمحافظة ينبع الذي كان له الفضل بعد الله جلت قدرته في إخراج هذا المشروع إلى حيز الوجود بعد أن كنا في جمعية البر نعتبره حلما نتطلع إلى تحقيقه، فمن خلال زيارة قام بها الفقيد لقرى ينبع النخل وقرى ينبع البحر وبالذات قرية النباه يرافقه بعض الأخيار من رجالاته وأصدقائه، زار قرية النباه التي تبعد 60 كيلا شمال ينبع البحر ووثّق المشاهد التي كانت مكان استغراب وتساؤل لديه، فكان يردد بعض العبارات التي ما زال صداها يتردد في مسامعي منذ ذلك اليوم، كان يقول ويردد لن يسامحنا الله.. نحن نشرق ونغرب لخدمة الناس وهذه الأوضاع في بلادنا ولكن قدّر الله وما شاء فعل.. وعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا. انتهت الزيارة وبعد أيام يرن الهاتف المحمول وإذا بالطرف الآخر يقول: أنا أبو ياسر فقلت من أنت يا أبا ياسر قال: محمد عبده يماني فقلت في نفسي سبحان الله يمكن أن أتوقع أي شخص آخر إلا أن يكون معاليه بهذه الصورة الجميلة المشرقة من التواضع فقلت أهلًا ومرحبًا بمعاليكم فقال يا زلباني أبشر عرضت الموضوع على ولي العهد (الملك عبدالله حفظه الله) ووعدني خيرًا، وفعلًا ما هي أيام إلا وتأتي البشارة من معاليه بتبرع ولي العهد بمبلغ مالي وفير يمكّن الجمعية من إقامة هذا المشروع الخيري والذي سيستفيد منه العديد من أسر المحتاجين في هذه القرية، وبفضل الله تم تشييد خمسين وحدة سكنية لأهل النباه، ليستكمل البناء بعد ذلك في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز -حفظه الله- ليصبح مجموع الفلل السكنية يتجاوز المائتي وحدة سكنية فتصبح قرية النباه مدينه حديثه تتوفر فيها كل مقومات الحياة بعد أن كانت مساكن أهلها الصنادق والعشش.. كان للفقيد يرحمه الله فضل السبق فيها جُعل ذلك في موازين حسناته.. ومما لا شك فيه فإن غياب هذا الرجل القدوة عن الأنظار وعن العمل الخيري بصفة خاصة يُعد خسارة لا تعوّضها الأيام.. فما أحوج الجيل في هذا الزمان والذي انحسرت فيه القدوة في كثير من المجالات أن يتعرفوا على هذه الشخصيات النادرة بحق والتي تنال إعجاب وتقدير كل من يتعامل معها، ويعيشوا مع هذه الصفحات المضيئة والمشرقة من حياتهم وسلوكياتهم، وأملي كبير في أصدقاء معاليه ومحبيه من أمثال معالي الدكتور عبدالله نصيف ومعالي الدكتور عبدالعزيز خوجة والشيخ زكي رحيمي وغيرهم كثير أن يلقوا الضوء على حياة الراحل وفي جميع محطات حياته وخاصة الجانب الدعوي والخيري ويبيّنوا للناس هذه الجوانب المشرفة.. فهم أقدر الناس على ذلك.. ويكفي معاليه فخرًا أنه كان يصدح ليلًا ونهارًا أن علموا أبناءكم محبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. واختتم الشيخ الزليباني حديثه قائلًا: إن الفاجعة تخرس الألسنة والمصيبة جلل في فقدك يا أبا ياسر ولكنه القدر المحتوم والأجل المقدّر الذي ينتظر كل حي على هذه البسيطة.. دعواتي إلى الله العلي القدير أن يرفع درجات الراحل محمد عبده يماني مع الصدّيقين والنبيين والشهداء جزاء ما قدم وأن تكون منزلته في مقعد صدق عند مليك مقتدر.