ليس يختلف أحد أن العراق الشقيق يمر تحت الاحتلال الأمريكي بمرحلة خطرة وحاسمة، تكفَّل الغزو خلالها بتدمير كل مقومات الحياة الإنسانية، وداس على كل حقوق الإنسان، ودمَّر البنية التحتية، والمرافق العامة للبلاد، وخلّف حتى الآن حوالى مليوني قتيل، وأكثر من ثلاثة ملايين مهاجر في الداخل والخارج، أضف إلى ذلك حوالى مليوني أرملة، وأكثر من ثلاثة ملايين يتيم. من هنا جاءت دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لاجتماع القادة العراقيين في المملكة بعد انتهاء موسم الحج، وتحت مظلة الجامعة العربية، لتعبّر عن ضمير الأمة المعذّبة، وهي ترى بلدًا عزيزًا كالعراق، يتّجه نحو الدمار المادي والإنساني، عبر الطائفية المقيتة، أو المصالح الشخصية المستحكمة، وهي كذلك دعوة كريمة تنطلق من مكانة المملكة الفريدة، كمهبط للوحي، وقبلة الأمة، وتجسد واجب خادم الحرمين الشريفين، ودوره الأساسي في رأب الصدع بين إخوته العرب والمسلمين، والأسى لما قد يكون بينهم من فرقة وصراع، والأخطار الجسيمة والفتن التي تهدد الأمة من كل جانب، خاصة خطر مخططات التقسيم والتمزيق، وفي المقدمة العراق الشقيق. * * * لقد اختتم خادم الحرمين نداءه الأخوي لقادة العراق بقوله: «هذه أيدينا ممدودة إليكم؛ ليصافح الوعي راحتها، لنعمل معًا من أجل أمن ووحدة واستقرار أرض وشعب العراق الشقيق»، وقال حفظه الله مخاطبًا قادة العراق: «نؤكد لكم استعدادنا التام لمد يد العون والتأييد والمؤازرة لكل ما تتوصلون إليه»، وقال: «أنتم شعب وتاريخ وحضارة، فعليكم التسامي على الجراح، وإبعاد شبح الخلافات، وإطفاء نار الفتنة البغيضة»، وما يعرض عن كل ذلك إلاّ محروم من التوفيق، وما يصم أذنيه عن هذا النداء الكريم إلاّ مَن لا يملك استقلال الإرادة، ووطنية القرار وخلوص النية، أو كما قال خادم الحرمين: مَن يملك زمام القرار جدير به أن يتحلّى بالحكمة وضالتها.