ذكر الأستاذ الهادي بن محمد المختار النحوي في مقالة له عن أهمية اللغة العربية: (تعاني اللغة العربية من حرب منظمة تستهدف ليس فقط إقصاءها بل محوها وشطبها من خارطة اللغات الحية ويتزعم هذه الحرب العرب أنفسهم عن قصد أو غير قصد هذا التوجه أكدته منظمة اليونيسكو التي أصدرت تقريرا سنة 2009م ذكرت فيه أن 2500 لغة من 6000 لغة متحدثة في العالم مهددة بالانقراض من ضمنها اللغة العربية التي سيقتصر حضورها على المساجد وقراءة القرآن كما يرى بعض النقاد). فهل تموت اللغة فعلا؟ إن موت اللغات مسألة علمية ومسألة مشاهدة في الواقع عند توفر جملة أسباب يقول أحمد دروش،الأستاذ بكلية دار العلوم في مصر،: إن الإحصائيات تؤكد انقراض 300 لغة في القرن الماضي بمعدل ثلاث لغات كل عام أمام لغة جديدة،..." وفي سياق محاولة التنبيه لهذه القضية والمخاطر التي تواجه اللغة العربية، سبق أن نظّم المجلس العربي للطفولة والتنمية مؤتمراً عالمياً حول " لغة الطفل العربي في عصر العولمة" في مقر جامعة الدول العربية في المدّة من 17 19/2/2007م، شارك فيه أكثر من 500 باحث ينتمون إلى 19 دولة عربية و عدد من الدول الأخرى. وفي منطقة الخليج أشارت دراسة حديثة قام بها الدكتور محمد جهاد، من شبكة جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، والدكتور سعيد طه، والدكتور مسعد ربيع، من كلية التربية في صحار بسلطنة عمان، إلى أنّ هناك ضعفاً لغوياً لدى الطلاب، فجل ّالتلاميذ لا يملكون المقدرة اللغوية الكافية، التي تتيح لهم التعبير بشكل صحيح، بل ولا يستطيعون أن يكوِّنوا لأنفسهم فكرة واضحة عما يقرؤون. وهذا الحال لا يختلف عنه في كل البلدان العربية والأكيد ان الأوضاع تدهورت بكثير بعد تاريخ إعداد هذه الدراسة قبل حوالي 15 سنة !! وكي نحذو حذو كوريا مثلا أو الصين التي اعتمدت علي تعليم الأطفال الشعر منذ الطفولة المبكرة، ومع تعلم الطفل أحرفه الأولى، يمكنه حفظ ما يزيد على مائة قصيدة، كما يؤكد الصينيون؛ لأن الذاكرة قبل سن الثالثة عشرة تكون الأقوى، فيكون الطفل أقدر على التعلم والحفظ والاستيعاب. ويؤمنون بأن الشعر هو فنّ اللغة، الأمر الذي جعل تجربتهم تعتمد بشكل أساس على تعليم الشعر، طريقاً للحفاظ على هوية الأمة، لأن الشعر يعبِّر عند الصينيين عن عزيمة الشعب، وعن الأمل. وطالما شكَّل الشعر القديم عموداً أساساً في الثقافة التقليدية الصينية، وفي مرحلة الشباب، تحرص الصين على رفع أهمية تعليم الثقافة القومية، من خلال المدارس والجامعات. تعنى كل مدرسة، ليس فقط بتعليم اللغة الأم، بل بإتقانها أيضاً. وهناك معاهد أسست خصيصاً داخل الجامعات من أجل ترسيخ الثقافة القومية. وتعقد أنشطة لإلقاء الشعر، وتنظيم المسابقات الشعرية، بين الشباب بشكل واسع، وبإشراف متخصصين. هم لديهم الشعر مصدر استقامة اللسان ونحن بصفتنا مسلمين لدينا مصدرنا القرآني الذي هو الضوء لاستقامة اللسان والروح والسلوك. اليابان أيضا حافظت علي لغتها القومية ولم تتنازل عنها ولكن سمحت بتعلم اللغة الأجنبية لمواكبة التقدم التقني والمعرفي. هذه نماذج لثقافات تحرص علي الحفاظ علي هويتها واللغة هي أهم عنصر في الهوية بعد العقيدة فيما يخص عالمنا الإسلامي. هذه الأستراتيحية للحفاظ علي اللغة الأم في هذه الدول ( كنموذج فقط ) نتوقع أن نحذو حذوها وأن تتزامن هذه الإستراتيجية مع مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير التعليم العام . لهذا فأني أري أن الحملة الموفقة التي يقودها صاحب السمو الملكي أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل لتعريب أسماء المنشآت التجارية في مكةالمكرمة ومحافظاتها , ( مهمة جدا وصفحة نوعية عملية للحفاظ علي اللغة العربية) .وقد أمهل سموه الكريم المحافظين ورؤساء المراكز وأمناء المدن ورؤساء البلديات فترة زمنية لا تتجاوز ستة أشهر لتغيير اللوحات في شوارع ومنشآت المنطقة كافة، وأشترط بأن تكون الأسماء كلها عربية , وأن كان لابد من أن يكتب الاسم بحروف غير عربية فيكن ذلك بحروف أصغر من الحروف العربية وتحتها وأن لا يكون فوقها مطلقا . هذه الحملة نتوقع نجاحها أن شاء الله بمتابعة محورية لجميع القطاعات ذات العلاقة وان تحذو حذوها بقية مناطق المملكة وفق إستراتيجية شاملة تماثل ما سبق أن استعرضته لنماذج كوريا أو الصين أو اليابان .إننا نأمل من جميع المسئولين في الجهات المعنية التفاعل الأمثل مع الحملة التصحيحية التي يقودها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل لتعريب أسماء المنشآت في مكةالمكرمة لنحافظ على هويتنا العربية ونعيد لها وهجها الذي كان(لغة للقرآن وللأمة المسلمة) في كل مكان . • أكاديمية وكاتبة [email protected]