نُخبٌ سعودية مُثقّفة، أصِيبتْ بالتهابٍ في الحنجرة، وبشَدّ وقطْع وتهتّك في الحبال الصوتية، وهي تتجادل بحِدَّة بالغة حول عمل المرأة السعودية ككاشيرة!. وقد انقسمت في جدالها إلى فئتيْن، فئةٍ ترفضه وتتّهم معارضيها بمحاولة تغريب المرأة السعودية وإطلاقها من خِدْرِها باسم تجنيبها البطالة، وفئةٍ تؤيّده وتردّ على خصومها بأنهم يخلطون بين الدين وبين الموروثات الاجتماعية التي ما أنزل الله بها من سلطان!. أنا، كنتُ أتمنى أن تتجادل النُخب حول ما هو أهمّ من عمل المرأة السعودية ككاشيرة، بل أهمّ من عمل الرجل السعودي نفسه ككاشير، ألا وهو غياب الصناعات الإلكترونية لدينا، ومنها صناعة ماكينات الكاشير، رغم أنّ في بلادنا مئات الآلاف، وربّما الملايين، من المنشآت التجارية التي لا تستغني عنها، ولو كانت لدينا استراتيجية صناعية سليمة لَبنيْنا مصانع لها، ولاَسْتوعبت عدداً كبيراً من العاطلين والعاطلات، ليس بالضرورة أن يعملوا في نفس الأماكن مختلطين، بل في أماكن منفصلة، من خرّيجي الهندسة والمعاهد المهنية والكليات الإدارية والتسويقية، ولَما احْتجْنا لوظائف الكاشير سوى للطلاّب الجامعيين خلال إجازاتهم وفي أوقات فراغهم كما يحصل في الدول المتقدّمة، ولَكانت هذه الصناعات مفتاح دخولنا لنادي الأمم المتطوّرة، لأنّ كلّ الصناعات الأخرى تعتمد عليها، مثلما حصل في ماليزيا على يد البطل الإسلامي والنمر الآسيوي مهاتير محمّد، ولأسّسْنا قاعدة وظيفية صلبة، تلد كلّ يومٍ، بل كلّ ساعةٍ، وظائف جديدة نوعاً، وكثيرة كمّاً، ولَبنيْنا مجتمعاً غير متواكل، يستهلك ممّا يصنع لا ممّا يصنع غيره، ولَقدّمنا للعالم ماكينة كاشير هي في نظري أجمل كاشيرة سعودية!. [email protected]