أفردت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية مساحة في عددها ليوم السبت 16/10/2010م للحديث عن مسلمي فرنسا، حيث سلطت الضوء على واقعهم وحياتهم والمخاوف التي تنتابهم، وقالت الصحيفة: يشعر كثير من المسلمين الفرنسيين بأنهم مستهدفون بصورة مستمرة، وذلك على خلفية الإجراءات التي تتخذها السلطات الرسمية، التي بدأت بمشروع حظر الحجاب في المدارس وأماكن العمل الحكومية عام 2004م، ومشروع حظر النقاب في الأماكن العامة، الذي أقره البرلمان الفرنسي بمجلسيه (الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ) مؤخرًا. وأوضحت الصحيفة أن كثيرًا من المهاجرين الأفارقة هم من الجيل الثاني الذين أتوا إلى فرنسا في موجة الهجرة الكبيرة، التي كانت في ستينيات القرن الماضي. وهذا الجيل ولد في فرنسا ويتحدث الفرنسية ويحمل الجنسية الفرنسية تماما مثل المواطنين القدامى، ولكن كل ذلك لم يشفع له -حسب الصحيفة- ليحيا بصورة طبيعية مثل بقية أفراد الشعب. وقالت: يشتكي أحد المسلمين الذين هاجر والداه من مالي إلى فرنسا من كثرة التفتيشات الأمنية للمسلمين وتداول شائعات جديدة عن مسلحين مسلمين واعتقالات هنا وهناك والتسرع في وصم الجميع بنفس الوصمة: الإرهاب. وأشارت الصحيفة إلى الزيادة الكبيرة التي حدثت في عدد المسلمين في فرنسا، الذين تقدر بعض المؤسسات المختصة عددهم بحوالى 7 ملايين مسلم، مما يجعل فرنسا أكبر دولة أوروبية، من حيث عدد المسلمين. وقالت: على الرغم من أن الوجود الإسلامي في فرنسا ليس طارئًا أو جديدًا، لكن مسلمي الجمهورية التي تفتخر بليبراليتها وحرية مواطنيها لا يزالون يعانون من التمييز ضدهم، وينعكس هذا في سوء أوضاعهم المعيشية، حيث إن الغالبية العظمى منهم يعيشون في ضواحي المدن الرئيسية ويعانون من ارتفاع معدلات البطالة بينهم، لا سيما عند مقارنتهم بأي أتباع ديانة أخرى، مما يثبت أن التمييز ضدهم مبني على أساس ديني وعنصري. وفي فرنسا، كما هو الحال في كثير من دول أوروبا، تكون العلاقات مشحونة بين المسلمين ومجموع السكان غير المسلمين. واستعرضت الصحيفة قانون منع النقاب في الأماكن العامة، الذي جرى إقراره في الفترة الماضية، وقالت: كانت المحكمة الدستورية الفرنسية أقرت قبل فترة قانونًا يحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة، وصارت بذلك أول دولة أوروبية تفرض محليًا مثل هذا الإجراء. ويمنع هذا القانون المثير للجدل المتوقع سريانه في الربيع القادم ارتداء النقاب في أي مكان عام، ومن يخالف ذلك سيواجه غرامة قدرها 150 يورو وأولئك الذين يجبرون النساء على ارتداء النقاب سيغرمون 30 ألف يورو والسجن لمدة عام. وأشار المجلس، الذي سبق له أن حذر من أن قانون منع النقاب قد يتعارض مع مقتضيات الدستور الفرنسي، إلى أنه لا يمكن تطبيق القانون في أماكن العبادة العامة، لأن من شأن ذلك أن يشكل انتهاكًا للحريات الدينية. وكان موقف المجلس الدستوري يمثل آخر عقبة قانونية محتملة أمام ذلك القانون، الذي صوت لصالحه مجلس الشيوخ (الغرفة العليا) في منتصف سبتمبر الماضي بأغلبية 246 صوتا مقابل صوت واحد. وكانت الجمعية الوطنية (الغرفة السفلى) قد صادقت عليه في يوليو الماضي. ولقى ذلك القانون -الذي امتنع عن التصويت له ممثلو المعارضة في مجلس الشيوخ- انتقاد ممثلي الجالية المسلمة إلى جانب جماعات ومنظمات حقوقية أوروبية ودولية وحتى من الولاياتالمتحدة. ويقول المنتقدون: إن هذا النص القانوني يخرق التشريعات الفرنسية والأوروبية الخاصة بحقوق الإنسان، ويخلق مشكلة ليست موجودة أصلًا، فمن يرتدين النقاب في فرنسا لا يتعدين الألفين يعشن بين جالية مسلمة تعد أكثر من خمسة ملايين شخص. ونوهت الصحيفة إلى استطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب الأمريكية مؤخرًا، حيث أجاب ما بين 35% و40% فقط في الولاياتالمتحدة أنهم يرون أن المسلمين الذين يعيشون في فرنسا موالون للبلد، ورد بالإيجاب. وعندما سئل المسلمون الباريسيون هذا السؤال قال 73% إنهم يرون المسلمين موالين لفرنسا.