يشعر الإنسان أحيانًا، بالحيرة والعجب، من بعض التناقضات، التي يواجهها ويشاهدها فمنذ زمن، ونحن نقرأ، عن شكوى التربويين، من ثقل الحقيبة المدرسية على الطالب، خاصة في المرحلة الابتدائية، وبالأخص طالب الصف الأول الابتدائي، يشاركهم في هذه الشكوى أطباء الأطفال، وكانوا دائمًا ينتقدون ويتكلمون عن الأضرار الصحية والآثار السلبية، التي تسببها ثقل هذه الحقيبة، على جسم الطفل، وما قد ينتج عنها من آلام في العمود الفقري، قد يؤدي مع مرور الوقت إلى تقوس في الظهر. وكانوا يطالبون بإيجاد حل لهذه المشكلة الصحية، كالتقليل من عدد الكتب للتخفيف من وزن الحقيبة المدرسية. هذا الكلام كثيرا ما سمعنا وقرأنا عنه. لذلك عندما بدأت وزارة التربية والتعليم في تغيير المناهج، كنا نتوقع أن يؤخذ هذا الجانب بعين الاعتبار، ويراعى في المناهج الجديدة، إيجاد حل لهذه المشكلة. تخفف على الطفل الصغير من هذا العبء. بمعنى كان المتوقع عند الشروع في تغيير المناهج أن يكون هناك خفض أو تقليل من عدد الكتب المقررة على كل صف. لكن المفاجأة، التي لاحظها الجميع هذا العام، هو أن الذي حصل العكس، صارت هناك زيادة في عدد الكتب المقررة على كل صف، في المناهج المطورة، فلو أخذنا الصف الأول الابتدائي على سبيل المثال، نجد أن منهج القراءة فقط ثلاثة كتب خلال الفصل الدراسي الواحد، وأصبح بجانب كل مقرر كتاب آخر يسمى كتاب النشاط، فمقرر التوحيد مثلا، كتابان الكتاب الأساسي، وكتاب النشاط، وكذلك الفقه والسلوك كتابان، والرياضيات كتابان وكذلك العلوم، وأضيف منهج جديد للصف الأول الابتدائي لدى البنات هو التربية الأسرية، وله كتاب، وأضيف كتاب جديد لمنهج التربية الفنية للصف الأول الابتدائي للبنين. ليصل مجموع كتب الصف الأول الابتدائي بنين وبنات مع القرآن الكريم ثلاثة عشر كتابا، ومجموع كتب الصف الرابع، مع القرآن الكريم ثمانية عشر كتابا. قد يقول قائل: إن الطالب أو الطالبة غير مطالبين بإحضار جميع هذه الكتب دفعة واحدة كل يوم، وإنما حسب الجدول المدرسي الذي مع الطالب. لكن من خلال التجربة والواقع، نجد أن هذا الكلام لا يصلح أن يشمل أو يطبق على طلاب الصف الأول والثاني الابتدائي فهؤلاء الصغار يرغبون ويفضلون وضع كل الكتب في الحقيبة وأخذها إلى المدرسة، خاصة وأن بعض المواد تدرس بشكل يومي مثل القرآن الكريم والقراءة والرياضيات، وبعض المعلمين يلزمون الطالب بإحضار جميع الكتب معهم حتى كتب النشاط التي أشرنا إليها، حتى لو كان المعلم لا يحتاجها في هذا اليوم، وهذا نتيجة للتأخير في توزيع الجدول على الطلاب والطالبات، وما يحصل فيه من تغييرات كثيرة بداية الشهر الأول من الدراسة فالمعلم يريد كما يقولون أن (يريح رأسه) ويطلب من الطلاب إحضار كل الكتب معهم. مع خوف علماء التربية والطب على صحة الطفل وحرصهم على كيفية بناء جسمه البناء الصحيح وشكواهم المتكرر من ثقل الحقيبة المدرسية، وضررها على الطفل، نجد في نفس الوقت، زيادة في عدد الكتب من المناهج الجديدة والمطورة هذا العام. فكيف نفسر هذا التناقض العجيب والمحير؟ عبدالله حسن أبوهاشم - ضباء