لقد مر علينا رمضان (الشهر المبارك) كطيف خيال، مر بخيراته وبركاته، مضى من أعمارنا وهو شاهد لنا أو علينا، فليفتح كل واحد منا صفحة جديدة لمحاسبة نفسه ماذا عمل في رمضان؟! هل تأسينا بالسلف الصالح، الذين توجل قلوبهم وتحزن نفوسهم عندما ينتهي رمضان لأنهم يخافون ألا يتقبل منهم عملهم..؟! ولذا فقد كانوا يكثرون الدعاء بعد رمضان أن يتقبل منهم، يقول سبحانه وتعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ) سألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أهل هذه الآية أهم الذين يزنون ويسرقون ويشربون الخمر قال: لا يا ابنة الصديق، ولكنهم الذين يصلون ويصومون ويتصدقون ويخافون ألا يتقبل منهم. وقد قال الله عز وجل: (إنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقِينَ). أيها الأحبة: فمن كان حاله بعد رمضان أحسن منها قبله بأن كان مقبلًا على الطاعات والعبادات مواظبًا على حضور الجُمع والجماعات تائبًا منيبًا ملتزمًا مستقيمًا صالحًا بعيدًا عن المعاصي فهذه دلالة قبول عمله إن شاء الله، أما من كان حاله بعد رمضان كحاله قبله فهو - وإن أقبل على الله في هذا الشهر إلا أنه سرعان ما ينكص على عقبيه ويعود إلى المعاصي والذنوب. قال تعالى: (وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا) سئل بعض السلف عن أناس يعبدون الله في رمضان فإذا انسلخ رمضان عادوا إلى غيهم وضلالهم فقالوا: (بئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان)، فاتقوا الله عباد الله وشمروا عن سواعدكم لإرضاء ربكم واعلموا أن رب الشهور كلها واحد. وفقنا الله وإياكم إلى كل خير وإلى العمل بمرضاة الله.. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.