أهمية التشخيص الطبي.. لم تعد تخفى هذه الأيام حتى على عامة الناس، لأنها المدخل الصحيح والوحيد للعلاج الناجع، كما أنها تسهم بمشيئة المولى عز وجل في إنقاذ حياة الكثير من الناس، وحمايتهم من الآثار المدرة لبعض الأمراض العضال. هذه مقدمة ضرورية لمأساة طفل باكستاني لا يتجاوز العاشرة من عمره، فوجئ أهله في يناير من هذا العام، بظهور تورم في الناحية اليمنى من رقبته مع ارتفاع درجة الحرارة. سارع الأب وهو صديق باكستاني يعمل في جدة، بمراجعة عدد من المستوصفات لعلاج ابنه، وفي كل مستوصف كان يتم تحليل الدم كاملاً وإجراء الأشعات الضرورية، وفي كل مرة لم تظهر هذه التحاليل والأشعات أي مشكلة، حسب أطباء هذه المستوصفات، ويتم إعطاء الطفل بعض المضادات الحيوية لتخفيض الحرارة. * * * لكن الورم أخذ يزداد والحرارة تستمر في الارتفاع، وتلقى الأب النصيحة بمراجعة طبيب مختص في مستشفى كبير. تم عرض الطفل على طبيب مختص في مستشفى كبير، فأجروا كالعادة التحاليل والأشعات والموجات الصوتية، وأبلغوا الأب بأنه لا مشكلة، وبعد عدة مراجعات لمستوصفات أخرى ومستشفيات عدة، مع ازدياد الورم واستمرار ارتفاع الحرارة، طلب أحد المستشفيات أخذ عينة (Biopsy) من الغدد اللمفاوية، وتم تحليل العينة، وأبلغ الأب أكثر من مرة ومن أكثر من مستشفى بأنه لا توجد مشكلة في تحليل العينة، رغم إعادة تحليلها أكثر من مرة إحداها في معمل تحليل مشهور. * * * وحرصا على وقت القارئ الكريم، ورغبة في عدم الدخول في تفاصيل معاناة وحيرة عائلة الطفل لمدة عشرة أشهر، انتهى المطاف مع الأب بناء على نصيحة صديق بمراجعة المركز الطبي الدولي، الذي أعاد التحاليل بما في ذلك إعادة تحليل العينة، وتم إبلاغ الأب بأن ابنه مصاب بمرض (هودكن) وهو نوع من الأورام اللمفاوية السرطانية، وأن عليه التوجه سريعا كسبا للوقت، لطبيب متخصص في أورام الأطفال لإعطائه العلاج الصحيح. * * * تلك مأساة لابد أنها تتكرر كثيرا في المرافق الصحية العامة والخاصة في جدة، ويروح ضحيتها في صمت الكثير من المرضى، وإذا كانت المستوصفات الطبية المنتشرة في أحياء جدة، لا تملك إمكانيات متطورة ولا توظف أطباء كبارا متخصصين للتشخيص والعلاج الصحيحين، فماذا عن المستشفيات الكبيرة ومعامل التحليل الشهيرة؟! وكيف يمكن إحكام الرقابة والتوثيق على مجمل الرعاية الصحية التي تقدمها هذه المؤسسات الطبية للناس، وبذل الجهد لتوعية الناس برفع شكاواهم موثقة للجهات المسؤولة؟! أسئلة كثيرة لابد من رفعها لوزارة الصحة التي أعلم أنها تبذل الكثير من الجهد وتتصدى للكثير من الإصلاح.