ان المتتبع لحال مجتمعنا في مرحلته الحالية يجد انه يعيش ضموراً قيمياً ادى الى الكثير من الانحرافات السلوكية العامة منها والخاص ولعل ملامح ذلك الضمور قد اكدته بعض الدراسات الحديثة التي تناولت هذا الجانب وأبرزته الكثير من المؤشرات الاحصائية ولعل ما نلمسه ونشاهده في حياتنا اليومية من تلك الممارسات المنحرفة يؤكد لنا حجم ذلك الضمور ومدى الحاجة الى الالتفات اليها والاسراع بايجاد الحلول الناجعة التي تستطيع ان تعيد لمجتمعنا توازنه القيمي والسلوكي وتسهم في تعزيز كافة القيم الجوهرية والفرعية وتعديل كافة السلوكات المنحرفة وهذا الامر بالتأكيد يستوجب التفاتة شاملة من قبل كافة الجهات المؤسسية ذات العلاقة ويأتي في مقدمة تلك المؤسسات وزارة التربية والتعليم التي تتحمل الجزء الاكبر من تلك المسؤولية كونها القائمة على تربية النشء وتعزيز قيمه وتنمية سلوكه الايجابي وتقويم سلوكه السلبي وكما نعلم ان كافة فئات المجتمع تعد مخرجات لنظام التعليم لذا يستوجب ان تنطلق تلك العملية الاصلاحية القيمية والسلوكية من نظام التربية الذي نراه اهمل هذا الجانب واهتم بالفرع الاخر وهو التعليم لذا نرى ان مجتمعنا اصبح يشكو قصوراً قيمياً في مختلف مساراته الحياتية ونراه ايضاً يعيش مرحلة اختلال سلوكي كان له الاثر على الكثير من معاملاته فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد ان مجتمعنا يشكو ضموراً في قيم الصدق والتراحم والتكافل والايثار والوسطية والتواضع كما تجده يشكو الضمور في قيم طاعة ولي الامر وحب الوطن وحفظ الامن والمحافظة على الممتلكات العامة وحمايتها كما نجده يعيش مرحلة الضمور في قيم النظافة والصحة واحترام الخصوصية والالتزام بالانظمة والقوانين وتغليب المصلحة العامة على الخاصة وما نلمسه ايضا من ضمور في القيم الاسرية كَبِرِ الوالدين وصلة الرحم وحسن العشرة وقائمة أخرى من القيم التي يترتب عليها بروز الكثير من السلوكات المنحرفة كالارهاب وتعاطي المخدرات وممارسة الشذوذ وغيرها كثير. ولعلي بعد هذا العرض الموجز جداً لبعض تلك القيم والسلوكات اتقدم ببعض المقترحات التي اراها ستسهم بدور كبير في تعزيز قيمنا الفاضلة وتقويم سلوكياتنا المنحرفة والتي تتحمل وزارة التربية الدور الاعظم في ذلك ومن تلك المقترحات: * الا يكتفي بتدريس مادة للسلوك والقيم بل لا بد ان تتضمن كل مادة دراسية قيماً وسلوكات ذات علاقة بمجالها التخصصي وان تضمن اهدافا سلوكية تخدم تعزيزها ضمن تلك المادة ويخصص لها جزء من زمن الحصة. * ان تكثف المحاضرات الدورية عن تلك القيم والسلوكات اثناء العام الدراسي ويجلب لإلقاءها بعض الاساتذة من ذوي التخصص في هذا المجال وتكون ايضا ضمن المنهجيات اللا صفية. * ان تكثف العمليات الارشادية المتخصصة داخل المدارس وان يختار لها الكفاءات التربوية المتخصصة في هذا المجال. * حصر وتحديد القيم والسلوكات التي تشكو ضموراً والتركيز على دراستها وتعزيزها ضمن المنهج الدراسي. * تفعيل دور البحوث والدراسات التربوية وتقديم كافة الدعم لها حتى تستطيع ان تؤدي دروها في دراسة مثل تلك القيم والسلوكات وتقديم الحلول العلاجية العلمية لا الانفعالية التي لا تستند الى اساس علمي ويكون لها اثارها السلبية الاخرى والله تعالى من وراء القصد.