في زاوية نائية من المملكة العربية السعودية تأمل مدينة متربة ذات حياة خشنة أن تحول نفسها إلى مركز تجاري جديد لسلعة صحراوية قديمة.. التمر. ويأمل المسؤولون أن يؤدي التوسع في تجارة بلح النخيل في بريدة الواقعة في منطقة القصيم في تحسين اقتصاد منطقة أقل تطورا من مناطق أخرى. وقال خالد القيدات -وهو مسؤول محلي يشرف على توسع السوق، حيث يفرغ المزارعون تمورهم من شاحنات صغيرة استعدادًا للمزاد: إن سوق التمر ذات أهمية هائلة للمنطقة وتساعد الشبان السعوديين في العثور على وظائف. وبلغ معدل البطالة في السعودية 10.5 في المائة العام الماضي وفي مناطق مثل القصيم يوجد القليل من الصناعات التي تقدم وظائف. ويمثل توفير وظائف للسكان السعوديين البالغ عددهم 18 مليون نسمة، الذين يتزايدون بسرعة تحديا أساسيا للمملكة. ويبدو أن الأمور تتحسن في بريدة.. ففي كل يوم يأتي ما يصل إلى 1500 شاحنة صغيرة محملة بالتمور من مزارعين أو تجار في أنحاء المملكة أو دول مجاورة مثل الأردن أو الكويت أو قطر حسبما يقول القيدات. وتعتزم الجهات المعنية بناء مجمع تخزين للسماح بالتجارة على مدار العام، حيث تقتصر حاليا على موسم أغسطس - أكتوبر بل إن هناك خططا لإدخال التجارة الالكترونية للوصول إلى مشترين في أوروبا وآسيا. ومع توافد عدد متزايد من تجار التمر شيدت موفينبيك فندقا فاخرا وتقوم الحكومة ببناء فندق آخر ضخم في وسط البلدة. وفي حين تشتهر المملكة باحتياطاتها النفطية، فإن إنتاج التمر ينهض منذ سنوات بعد التراجع، الذي شهده قطاع التمور في العراق الذي كان بلدا مصدرا رئيسيا في السابق للتمر. وبناء على أرقام 2008 لمنظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة (فاو) فإن المملكة تعد الآن ثالث أكبر منتج للتمور بعد مصر وإيران. وتقول المنظمة: إن الإنتاج السنوي زاد إلى 986 ألف طن وهو ما يزيد بمقدار الثلث عنه قبل عشر سنوات. وفي حين يقوم أجانب بمعظم العمل الشاق لجني التمر من النخيل بدأ السعوديون ينضمون إلى العمل في هذا القطاع. وقال عبدالعزيز التويجري المدير العام لشركة هضيم للتمور إن مزيدا من السعوديين يطلبون العمل وإن العدد يزيد كل عام. وتعتزم شركته زيادة الإنتاج إلى 16 ألف طن سنويا في الأعوام القادمة من 5600 طن حاليا. ويقدر التويجري أن حوالى نصف العاملين في السوق وعددهم ثلاثة آلاف شخص -من تجار ومزارعين وإداريين وسائقين- هم سعوديون. وسيقتصر العمل بالسوق الالكترونية المزمعة على المواطنين السعوديين. ويوجد الآن بأحد المصانع قسم للنساء الراغبات في العمل. وتأتي مبادرة بريدة في إطار برنامج حكومي أوسع نطاقا للحد من الاعتماد على النفط وبناء صناعات لإتاحة فرص عمل لثمانية عشر مليون سعودي 70 في المائة منهم دون سن الثلاثين. وينصب أحد محاور الاهتمام على تطوير شركات الصناعات الغذائية إلى جانب البتروكيماويات والبنوك. وفي البورصة السعودية ارتفع مؤشر قطاع الغذاء والزراعة عشرة في المائة هذا العام وأصبحت شركات مثل المراعي وصافولا لاعبين إقليميين. وقال جون سفاكياناكيس كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي إن صناعة التمور لم تسهم سوى بنسبة 0.4 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي لعام 2009 لكنها تنطوي على فرص كبيرة كما أن التمر يحتاج ماء أقل من منتجات أخرى مثل منتجات الألبان. وقال “تملك السعودية ميزة واضحة في إنتاج التمور بكل الأشكال والأنواع لأنه يتلاءم مع الأوضاع الطبيعية للمناخ واستهلاك المياه”. والتمور في سوق بريدة التي تبلغ القيمة اليومية لتجارتها نحو سبعة ملايين دولار (26.2 مليون ريال سعودي) بحسب التجار ليست سوى البداية لخط إنتاج آخذ في التوسع.. فهناك أيضا عصير وشراب التمر والحلوى والكعك وتوجد شركة محلية تنتج بوظة التمر (آيس كريم التمر).