حين تلتقيه يجذبك ببساطته وبلباقته وبحميمية تشعرك وكأنك تعرفه منذ زمن. وحين تقترب منه أو تتحدث معه تجده يحمل روحًا شفافة وواضحة فيها الكثير من احترام الذات واحترام الآخر. أما حين تحاوره فإنك تجد الإنسان الذي يتمتع بعقلية حوارية مثقفة ومنفتحة، يملأ مكانه ويعرف ماذا وكيف يتحدث؟ باختصار (شخصية) لها حضورها واحترامها وتقنعك بذلك. ضيفنا هو الدكتور وليد كساب الحميدي وكيل إمارة منطقة مكةالمكرمة المساعد للتنمية والأمين العام لجائزة مكةالمكرمة للتميز. وعلى الرغم من أننا وصلنا إليه بعد تعب إلا أن خلقه الكريم استوعب كل تعبنا؛ وإن كان وقته لم يستوعب كل أسئلتنا نظرًا لارتباطه بانشغال آخر، فكان هذا الحوار الذي نعتبره سريعًا جدًا معه لكنك لا تملك إلا أن تحترم وقت الرجل وهو ينظر إليك ويراقب ساعته لتستبقي الكثير من الأسئلة في الذاكرة ونختزلها فقط في عدد من النقاط المتعلقة بجوانب من جائزة مكة للتميز. وعلى الرغم من كل هذا الاختزال إلا أنني أعتقد أننا أطللنا من خلال نافذة فكره على بعض شيء عن جائزة غالية جدًا وثمينة جدًا، هي جائزة مكة للتميز التي تبناها ورعاها واعتمدها أمير الفكر والإبداع والإدارة الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة.. فإلى هذا الحوار السريع: * جائزة مكة للتميز.. حقيقة حضرت في زهو.. ما قصة هذه الجائزة.. أعني الفكرة.. الرؤية.. الرسالة.. الأهداف؟ ** جائزة مكة للتميز هي إحدى أفكار ورؤى سمو الأمير خالد الفيصل، أهدافها الارتقاء في الأداء الحكومي والأداء في القطاع الخاص، والارتقاء في الخدمات التي تقدم للمواطن، الهدف منها أيضًا مكافأة المتميز في الأداء. والتصور الذي وضع لمنطقة مكةالمكرمة “نحو العالم الأول” يحتاج إلى تكريم المتميز، تكريم من أدى أداء فاق العادي. هذا هو الهدف الكبير والعام للجائزة. وحين ندخل في الأهداف التفصيلية أكثر، من الأهداف التفصيلية أنك حين تعطي جائزة لمنطقة مكةالمكرمة أنت تعطيها لمن؟ فكان لا بد من اقتراح ثمانية مجالات للجائزة. المجال الأول بحكم وجود الكعبة المشرفة والمسجد الحرام والمشاعر المقدسة في منطقة مكةالمكرمة وجب أن يكون هناك جائزة للخدمات التي تقدم في الحج والعمرة. وأيضًا التميز في العمل الإداري والتميز فيما يخص التقنية والمعلومات والعلوم وما يخص العمران أيضًا والتميز المعماري والأصالة المعمارية. هذه أربعة مجالات وصلنا إليها الآن وهذا امتحان جيد لك يا أخ علي في مدى متابعتك لشؤون الجائزة. * والمجال البيئي؟ ** مع الأسف البعض آخر ما يفكر فيه هو البيئة، أيضًا المجال الخامس التميز الاجتماعي سواء في خدمات أو أفكار أو حتى مبادرات، ثم التميز الاقتصادي الذي حجب هذا العام ثم البيئي. وقد مضت الدورة الاولى، ثم جاءت الدورة الثانية بتفوق وبتميز بشهادة الجميع. ويحرص سمو أمير المنطقة من خلال توجيهاته للعاملين في الجائزة أن تكون الدورة الثالثة في مستوى أعلى من الأداء وتميز أعلى في الفائزين. وهذا الذي جعل القائمين على الجائزة والمقيمين يحجبون العمل الاقتصادي والثقافي في الدورة الماضية لأن الأعمال التي رشحت لم ترتقِ لمستوى التميز والإبداع. التميز.. ولا شيء غيره * هذا يعني أن التميز الذي يمنحك الجائزة قد يحجبها عنك؟ ** من أكبر مبررات الحجب أن هناك حرصًا شديدًا من سمو أمير المنطقة انعكس على المقيمين للمرشحين بأنه يجب ألا تمنح الجائزة إلا لمن تميز في الأداء. أكرر تميز في الأداء وليس فقط أجاد في الاداء. * ولكن مفردة التميز ألا ترى أنها مفردة مطاطية فيها مساحة هامشية كبيرة وبالتالي صعوبة المعايير والتقييم الدقيق؟ ** هذه حقيقة. ومن أجل ذلك لا يمكن قياس ذلك بالمسطرة والقلم ولكن هناك لجنة التقييم ترك لها أن تحدد مجال ومبررات التميز، وأعطيك مثالًا جائزة العلوم التي فازت بها الدكتوره حياة سندي أنها ابتكرت اجهزة جديدة لقياس الميكروبات والكائنات الدقيقة. وجائزة الأداء الإداري للدراسة الجاذبة هي مشروع بسيط ولكنه متميز ليس متميزا لانها فكرة عمرها ما حصلت، ولكنها متميزة لأن القائمين عليها أدوها ونجحوا فيها وتميزوا في ظل إمكانات متواضعة وفي محافظة متوسطة وليست من المحافظات المتقدمة في عدد السكان او التنوع الاقتصادي أو لقاعدة البيئة فكان هذا تحفيزا وتكريما لمشروع بسيط ولكنه مميز. أيضًا من الامثلة مؤسسة مطوفي جنوب آسيا أداؤهم كان متميزا والفكر الاداري لديهم والتصور بعيد المدى أيضًا كان متميزا، ما كان هدفهم تحقيق أعلى ربح مادي في هذا العام، كان هدفهم كيف أقدم مستوى متميزا للحجاج والمعتمرين يكفل لي سوقا مستمرا على مدى طويل وارتقاء في الخدمة والاداء والسمعة، من خلالها ايضًا حققوا أعمالا رائدة في توفير موارد مالية لهم.. الموارد المالية المستقرة هذه تمكنهم من المحافظة على نفس مستوى الاداء المتميز لأن الموارد المالية غير المستقرة تجعلك لا تخطط بجرأة أو بما يكفل لك مستوى معينا من الأداء المتميز. الجائزة وانعكاسات الأداء * إلى أي مدى تعولون على الجائزة في انعكاساتها على مستوى الأداء في القطاعات الحكومية والأهلية؟ ** نعول الكثير، وبدأنا نحس أن الجائزة أصبحت حديث الناس، على سبيل المثال تقدمت إحدى الجهات الحكومية بفكرة لسمو أمير منطقة مكةالمكرمة ليتبناها للنهوض في مجال تقنية المعلومات وهدفها ان يصبح مجال تقنية المعلومات متقدمًا جدًا، وبالتالي خدمة سهلة للمواطن، خدمة سهلة للمستثمر، تفتح مجالات كثيرة للاستثمار، وبالتالي وظائف جديدة وأعمال جديدة للمنطقة، وصدق أو لا تصدق أن أحد أهدافها هي أن تحوز على جائزة مكة للتميز؛ جهة حكومية متخصصة في مجال تقنية المعلومات تطرح مبادرة جديدة واحد أهدافها الفوز بالجائزة. إذًا برأيي أنه لو لم توجد هذه الجائزة قد تكون هذه الجهة لم تفكر بمثل هذه المبادرة.. أقول قد يكون. وقس عليها أمثلة اخرى. والآن إحدى الجامعات في منطقة مكةالمكرمة تبنت اختراعًا جديدًا لمعالجة أحد الأمراض المستعصية في المملكة وفي العالم العربي، ولو نجحت في التجارب ستحقق قفزة كبيرة ورائدة لهذه الجامعة ولمنطقة مكةالمكرمة. وهدفها أيضًا الحصول على جائزة مكة للتميز. فهذا الحراك وهذا التنافس في مجال التميز سببَ حماسًا عند الجهات الحكومية والجهات الأكاديمية والقطاع الخاص بأنه لنتميز في الأداء ولنعطِ أكثر. توصيل المعلومة * كيف يتم إبلاغ الجهات المختلفة لتتقدم للترشيح؟ ** كيف نوصل المعلومة لمجتمع منطقة مكةالمكرمة، هناك حملة إعلامية في الصحف وفي التلفزيون وفي الإذاعة، وهناك حملة إعلانية في الشوارع وأيضًا هناك حملة على مستوى الجهات الحكومية، وعلى سبيل المثال مجلس المنطقة في جلسته الأخيرة أعلن سمو أمير المنطقة أن الباب أصبح مفتوحًا للترشيح، وطلب من كل أعضاء مجلس المنطقة سواء من الجهات الحكومية او القطاعات الأهلية أن يبدأوا يبعثون مرشحيهم على موقع الجائزة في الانترنت. آليات الترشيح * كيف ترشحون؟ ما آليات الترشيح التي تتبعونها؟ ** لدينا مجموعة من الآليات منها أن يكون المرشح من أبناء منطقة مكةالمكرمة، ثم ايضًا إذا كان المرشح فردًا فلا بد أن يكون حيًا ثم الترشيح لا يكون من الفرد مباشرة وإنما جهة تقوم هي بترشيحه. فإذا كان أستاذ جامعة ترشحه الجامعة. وإذا كان رجل علم وثقافة جهة حكومية او جهة من القطاع الخاص ترشحه، وإذا كانت مؤسسة فالمظلة التي تتبعها أو تشرف عليها مثل الغرفة التجارية ترشحها، وهذا الترشيح متى ما وصل إلى الامانة العامة لجائزة مكة للتميز يوضع له ملف وتستكمل المعلومات المتبقية الاخرى ويحفظ ضمن المرشحين إلى أن يقفل باب الترشيح، ثم بعد ذلك تبدأ اللجنة عملها في تقييم المرشحين وترشيح الفائزين. التقييم والمعايير * من يقيم؟ ما معاييركم في التقييم؟ ** لدينا لجنة فيها مسؤولون من القطاعات الحكومية وبعض الممثلين للقطاع الأهلي، وتعتمد معاييرها على معايير عامة التي تحكم العمل بغض النظر عن المجال، ثم هناك معايير خاصة أو تخصصية فمن أجل أن أحكم على أنه عمل متميز في الحج والعمرة لا بد ان تكون المعايير ذات العلاقة بخدمات الحج والعمرة. فنحن نعتمد على مستويين من المعايير معايير عامة ومعايير متخصصة على حسب كل مجال من مجالات الجائزة وتطبق هذه المعايير على المرشحين ثم توضع على شكل نسب الذي يحقق أعلى نسبة يكون هو المرشح الفائز. تختلف المعايير.. ولكن * هل هذا يعني أن معايير الجائزة ثابتة؟ ** قد تختلف من عام لآخر لطبيعة الجديد في المجتمع او المرحلة التي وصلتها الجهات الحكومية من تطورات أو أفكار أو مشروعات جديدة. وبالذات في المجالات التي لها علاقة بالحج والعمرة والمجالات التي لها علاقة بالطراز المعماري، فمثلًا لو أخذنا الجانب العمراني فننظر إلى ما هي المشروعات العمرانية الجديدة التي صارت في منطقة مكةالمكرمة؟ مثلًا العام الماضي أعطي منحا اكثر للتعامل مع الطاقة ما هو المبنى الذي يستخدم طاقة أقل ويحافظ على الطاقة بشكل أفضل. ومن هذا المنطلق أعطي وزنا لهذا الأمر. أعود فأقول إن المعايير قد تتغير من عام لآخر على طبيعة التوجه والتطوير الذي سار في المنطقة. التحكيم والتخصص * ثمانية مجالات مختلفة.. كيف تحكمونها؟ هل لدى اللجنة مختصون لكل مجال؟ ** لجنة التحكيم مشكلة بحيث تجد أن كل المجالات متمثلة فيهم، مثلًا البيئة تجد أن أحد أعضاء لجنة التحكيم متخصص في البيئة، الحج والعمرة ستجد أن أحد اعضاء اللجنة متخصص في الحج والعمره وهكذا. الموارد المالية * من أين تستمد الجائزة مواردها؟ ثم إنني قرأت في لوائح الجائزة ما يربط بين الموارد والاستمرارية.. بماذا تفسرون ذلك؟ ** سمو أمير المنطقة يطمح في رؤيته لاستدامة الجائزة وإكمال مسيرتها في منطقة مكةالمكرمة أن يكون عندها موارد مالية مستدامة ومستقرة، وهناك عدة أفكار تبحث في هذه الجائزة، كيف يكون عندها مشروعات لها مورد مالي مستدام ومستقر في المستقبل؟ وهناك عدد من الأفكار التي تبحث الآن بشكل جدي نأمل إن شاء الله في القريب العاجل أن ترى النور، وبالتالي نوع من الضمان والأمان لجائزة مكة للتميز في الاستمرارية وإكمال دورها في تكريم العمل المتميز وتحفيز العمل المتميز في منطقة مكةالمكرمة. * هل هناك مشروعات أو أوقاف أو هبات لدى الجائزة الآن؟ ** الآن لا.. لكن هناك تبرعات من مؤسسات ومن رجال أعمال تحقق لجائزة مكة للتميز بأنها تعطي المتميزين الجوائز والمقدرة بمئتي ألف ريال لكل جائزة وأيضًا ما يصرف على الأعباء الإدارية وحفل التكريم للجائزة. تطوير آليات الجائزة *جائزة مكة للتميز تدخل دورتها الثالثة، هل تقيمون المخرجات ومن ثم تطوير الآليات؟ **المجالات الثمانية الآن ثابتة وإن كانت هناك دراسة تنتظر توجيه سمو أمير المنطقة بإضافة مجالات أخرى، وهذا من الجديد في الجائزة. ونحن نقيم المخرجات والآليات أول بأول ونحاول في كل سنة ان نرتقي بأدائنا أكثر. الجديد هذا العام * وما جديد جائزة مكة للتميز هذا العام؟ ** ننتظر ترشيحات لأعمال متميزة أكثر ونأمل أن تكون هناك أعمال ترتقي للعالمية وليس على مستوى منطقة مكةالمكرمة أو المستوى الوطني هذا ما نطمح إليه. الآن لم تردنا كل الترشيحات فلا نستطيع أن نجزم بما هو الجديد في موضوع المرشحين بالفوز، ولكن هذه طموحاتنا وآمالنا أن تكون فيها أشياء جديدة وأن يكون فيه تميز أكثر في الاعمال المرشحة. أقفال الترشيح * متى ستقفلون باب الترشيح؟ ** للتو فتحنا باب الترشيح في واحد رمضان وفي 15 محرم يقفل باب الترشيح. وإلى الآن الأمر في بدايته ونعرف حجم الانشغال برمضان والعمرة. وسنبدأ في الأسبوع الثاني من شهر شوال القادم الحملة الإعلامية عبر وسائل الإعلام والحملة الإعلامية في الشوارع والميادين، وكذلك التواصل مع القطاعات الحكومية والاهلية. بعد الحملة أعتقد أنه سيكون هناك رقم أكبر من حيث الترشيحات والأعمال المتقدمة من الجهات المرشحة. ثم ماذا بعد؟ ** بقى أن أقول إننا كلنا كبشر نحتاج إلى التقدير، كل من أحسن يحتاج إلى أن تقول له أحسنت.. أنت تميزت وهذه جائزة لتميزك. هذه باختصار رسالة جائزة مكة للتميز فهي تحفيز للنهوض الإبداعي والفكري لإنسان منطقة مكةالمكرمة وللارتقاء بمستويات الأداء إلى التميز وهذه من خطواتنا نحو العالم الاول وفق رؤى وأفكار وتطلعات وطموحات سمو أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل.