هما بحيرتان: (كبرى وصغرى)، المسافة بينهما حوالى (120) كم تقريبًا، الكبرى سُمِّيت (بحيرة المسك)، عندما كانت تدر ذهبًا، وبعد أن طارت الطيور الجارحة (بأرزاقها)، وانجلت الغشاوة أُعيد لها مسمّاها الحقيقي (بحيرة الصرف)، وفي رواية (بحيرة وادي العسلاء)، والصغرى ليس لها مسمّى؛ لأنها لم تكن (مُستَثمَرة) من قِبل طير جارح، وتقع على طريق (مكة - الليث) قبل نقطة أمن (الشعيبة) للمتّجه جنوبًا. البحيرة الصغرى جُفِّفت منذ بضع سنوات، والكبرى في طريقها للتجفيف. المؤلم أنهما لم تُجففا من قِبل أمانتي (مكةوجدة) نتيجةَ (وعيٍ واستشعارٍ لمخاطرهما) على البيئة والصحة، فالصغرى جُففت قبل أن يمر موكب مسؤول (كبير) في الدولة أثناء زيارته لليث! جُففت بعد أن رانت على صدور العابرين سنوات عديدة، حيث كنا نطفئ أجهزة التكييف، ونغلق نوافذ السيارات بإحكام، ونلف (الشماغ) حول أنوفنا من شدّة الروائح المنبعثة منها، بل إن سائق السيارة يكون في غاية الحذر، وهو يعبر البحيرة خوفًا من انحراف سيارته، ووقوعها في البحيرة التي تتلاطم أمواجها على جانبي الطريق، حتى إنها تلامس عجلات السيارة! ولولا مرور المسؤول الكبير لما جُففت البحيرة، ولغمرت المياه الطريق. أمّا الكبرى فقد بُدئ في تجفيفها بعد كارثة جدة الأخيرة. الشاهد في الأمر هو الفرق في (تكلفة) التأهيل بين البحيرتين، فالصغرى لم يتعدّ تأهيلها أكثر من فتح (قناة) جديدة لتصب مياه الصرف القادمة من (مكة) فيها، ويُذهب بها (غربًا) إلى مكان غير بعيد، علمًا أن القناة يراها المسافرون، ولا يدرون أنها تصب في بحيرة (مستترة) غير التي عهدوها، ولذا لم نسمع (بمليارات، ولا ملايين) من أمانة مكة لتأهيل البحيرة الصغرى، وهو عكس ما حصل مع البحيرة الكبرى التي سيتم تأهيلها ب(22) مليار ريال، التي (أغاظت) زميلنا (خلف الحربي) فذهب يستنجد (بالرياضيات) ليثبت لنا ضخامة المبلغ المدفوع (للتأهيل)، فضلاً عمّا (بعد التأهيل)، ويبدو أن صدمة الحربي أتت نتيجة عدم معرفته بأننا نعيش (زمن المليارات)! نعود للبحيرة الكبرى، ذاك الوادي (الفريد) الذي أتته الحَصانة فَعَلا قدرُه، وغلا ثمنه، بحيث لا تدخله مياه الصرف إلاّ بأموال، ولا تخرج منه إلاّ بأموال على مدى (18) عامًا من الخِصب. ولنا أن نتساءل: هل هناك مالك لذلك الوادي؟ وهل هناك عقد بين أمانة جدة ومالكه -قبل أن يصبح بحيرة- على أن يُستأجر لأمد بعيد؟ وهل عجَّلت كارثة جدة بفسخ العقد ممّا اضطر الأمانة لدفع (الشرط الجزائي) كما يحصل في عقود المدربين واللاعبين عند فسخ العقد من قِبل طرف واحد قبل انتهاء أجله؟ وإلاّ لماذا التأهيل للبحيرة الكبرى -دون الصغرى- لو لم تكن الكبرى مملوكة لأحد؟! بقي أن نتساءل عن (أرتال) الوايتات التي كانت تصب مياه الصرف في البحيرة الكبرى، إلى أين اتجهت الآن لتصبها؟ وكيف عثرت أمانة جدة على الحل (الضائع) منها منذ سنوات؟ ثم كيف غاب عن موسوعة (جينيس) أن لدينا أكبر بحيرة للصرف الصحي على وجه الأرض، وأننا صرفنا ما يعدل ميزانية (دولة) لإعادة تأهيلها؟ وممّا يزيد العجب ما شاهدته في مشروع تصريف مياه سيول (طريق مكة) أمام (بلدية أم السلم)، حيث خصصت الأمانة (عبَّارات) لا يزيد قطر الواحدة منها عن (ثلاثة أمتار) لتصريف مياه السيول الهادرة!! أمر يدعو للدهشة، ونحن لا نزال نتجرّع آثار الكارثة، ثم يأتي العلاج بهذه الصفة التي أقل ما يُقال عنها إنها استهتار بالأرواح، وهدر لمقدرات الوطن. أتمنى أن أكون (مخطئًا)؛ فتكون تلك العبارات لغرض آخر غير السيول. فهل من مراجعة قبل أن يتكرر الخطأ، ويكثر التلاوم؟ وفاء: نتذكر دخول الكهرباء لقطاع تهامة قبل حوالى ربع قرن، فنذكر القصيبي رجل الأمانة والإدارة، نمر بمحطات الوقود، ونصلّي في مساجدها، فندعو للقصيبي.. يكفي أن نذكر هذين المنجزين لنقول: رحم الله القصيبي. [email protected]