أيامٌ في ضمائرنا مطبوعة، ولياليها في خلجاتنا مزروعة نستقبلها في شغف ونرتمي بأحضان دفئها التي طالما تمنينا عودتها. تفجَّرت منها ينابيع الخير عيوناً واهتزَّت الأرض بغيث إحسانها دهوراً. انتظمت في ثلاثين دُرةً من أنفس الجواهر ،وأربح المتاجر، تستقْطب الداني والقاصي ، الغني والفقير، الأسود والأبيض ، الصغير والكبير ، الذكر والأنثى. في ثلثها الأول: جداول رقراقة من الرحمة المهداة من الرحمن. وفي ثلثها الأوسط: أنهار مُتدفقة من المغفرة الساترة للذنوب من الغفور. وفي ثلثها الأخير: حدائق غنَّاءة من يغتنمها يُعتق من النَّار ،وينال رضا الرحيم الغفَّار. يا له من عظيم !!! يا له من كريم !!! عندما نُحلِّق في أرجائهِ نرى أجواء روحانية، وعلاقات تكافلية، وفوائد جليلة، ونفائس عظيمة منها: تقنُّص ليلة من لياليه، ليلة لا توازيها مئات الآلاف من الليالي ألا وهي ليلة القدر التي فُضِّلت على ألف شهر يتلألأ في سمائها ذكر يُشنِّف المسامع، ودعاء تنهمر منه المدامع، وتراويح تريح الأفئدة التوَّاقة لرضا الله ،وتهجُّد يزيل الهموم، وادْلِهام الأمور. ومنها: تحشُّد المشاعر ومشاركتها للفقراء في شعورهم بالجوع الذي يجري في دمائهم ويقْطُن في خلاياهم، فتُغْدِق الأيادي البيضاء ويعمُّ كل ذي إمْلاق الخير والرخاء. ومنها: مضاعفة الحسنات، وإقالة العثرات، وتردد نداءات تقول: (يا باغي الخير أقبل) فتفتح أبوب الجنان، وتغلق أبواب النيران، وتُصفَّد الشياطين. ومنها ....ومنها ....الكثير شَهْرُ الْمَكَارِمِ لا تُحْصَى مَنَاقِبُهُ جَلَّتْ عَنِ الْحَصْرِ تَعْدَادَاً وَتِبْيَانَا نعم ..وايم الله إنها مناقب ليس لها حصر، ومن اغتنمها فليس له إلا الأجر .فهذه يا رمضان يا شهر الخير والإحسان ومضات يسيرة أغرفها من بحرك الزاخر، وجودك الوافر. وتبثها خلجات تتوق لقيامك وصيامك إيماناً واحتساباً.