أولًا لنتساءل من هو المثقف الذي نريد له دورًا وهل هو مصطلح متفق على هوية صاحبه. نجد في المعاجم اللغوية كلمة المثقف مأخوذة من الفعل الثلاثي ثقف ومعناه: ثقف ثقفًا وثقافة أي صار حاذقًا فطنًا ذا فطنة وذكاء، وثقف العلم والصناعة: حذقهما وثقف الرجل في الحرب: أدركه والشيء ظفر به وثاقفه مثاقفة وثقافًا: خاصمه وجالده بالسلاح ولاعبه إظهارًا للمهارة والحذق والثقاف: حديدة تكون مع القوَاس والرَماح يُقوم بها الشيء المعوج ورجل ثَقف لقف إذا كان ضابطًا لما يحويه قائما به ويقال ثقِف الشيء وهو سرعة التعلم. ولم أجد كلمة مثقف واردة. إذن نخلص إلى أن المثقف هو مصطلح حديث ويعني حسب المفهوم اللغوي:الحاذق فيما يتناوله سواء قولًا أو عملًا أو مهارة أو فكرة. والآن لننتقل إلى من يطلق عليهم لقب مثقف في عالمنا الإسلامي عامة وبلادنا خاصة هل بلغوا رتبة الحذق فيما يطرحونه؟ كل من يقرأ وسائل إعلامنا سيعرف الإجابة بنفسه. لذا نطرح معا بعض السمات المأمولة منه دائما: 1-تناول موضوع يلمون بغالب علومه إن لم تكن كلها فلا يكتبون ويتحدثون عن موضوع لا يعرفون عنه إلا أسطرًا قرأوها أو كلمات سمعوها وأقرب مثال تناول البعض لقضية نصر حامد أبو زيد بالمنافحة عنه بقوة وكأنه حضر محاكمته واطلع على حيثياتها أو قضية عقدية مثل قضية “خلق القرآن”على أنها ثورة أو قضية صوفية طرحها صوفية غلاة على أنها تقدم أو قضية الفلسفة ورموزها المعاصرين والقدماء على أنها فرض عين على المسلمين يجب عليهم تعلمها ولو فقهوا هذه القضايا على أصولها لعلموا نعمة الله علينا في اصطفائه سبحانه لثلة مباركة للرد عليها سابقا والآن. 2- التواصل المباشر مع صاحب القضية التي سيتكلمون عنها سواء قدحا أو مدحا وأقرب مثال على ذلك حملة الهولوكوست على فضيلة الشيخ سعد الشثري ثم فضيلة العلامة عبدالرحمن البراك حتى تجرأ أحدهم ووصف قوله بالجنون وهو سوء أدب مع عالم فضلا عمن هو من كبار العلماء مع أنه بريء مما افتروا عليه. 3- تناول موضوعات الأمة بقوة ورغبة في الإصلاح المستمر وستر عوارها عن الأعداء وليس كما يقوم به البعض - هداهم الله - بتناول قضايانا بصورة التشفي وكشف العورات واستغلال ذلك لفرض ما يرغب ولو كان مخالفًا لما هو سائد شرعا 4- وضع أيديهم في أيدي المصلحين للبناء الحضاري لأمتنا بهدوء ومودة 5- فقه المصلحات التي يستخدمونها فهناك مصطلحات نملك معناها الحقيقي في ديننا مثل الإرهاب والإرهابيين فلدينا مصطلحات الخوارج والغلاة والبغاة ومصطلح التقدمي أو الثوري عندنا مصطلح المصلح وهناك مصطلحات لا تناسب المسلم ولا الإسلام بل هي خاصة ببيئات دينية محرفة ووضعية كمصطلح التنوير والأصولية والعولمة. 6- جمع القلوب والعقول قدر المستطاع وإفساح المجال بترحاب وحب ومودة لمن لديه طرح قوي ليدخل منتدياتهم وصحفهم ونواديهم ويناقشهم أو على الأقل ليطرح ما عنده. وأخيرًا واثقة أن في أمتنا وفي بلادنا من هؤلاء كثر.