تعاني شركات الطيران الخاص بالسعودية خسائر فادحة في الفترة الحالية؛ اضطرتها للاستدانة والاعتماد على القروض الحكومية وغيرها، التي بلغت 200 مليون ريال سيتم تسديدها خلال الخمسة الأعوام المقبلة. وعزا مسؤولون هذه الخسائر إلى افتقادهم للمساواة في التعامل معهم كشركات نقل جوي خاص وجديد في المملكة مقارنة بالناقل الرسمي “الخطوط السعودية”. وأشاروا إلى أن ارتفاع سعر الوقود وإلزامها بخدمة المحطات الداخلية إلى جانب ارتفاع رسوم المطارات وتحديد سقف سعر تذاكر الطيران قد تكون من أبرز العوامل التي قادتها للخسائر، مبررين أن ما ذكر يكبدها تكاليف تشغيلية عالية. في حين أكدت رئاسة الطيران المدني سعيها لمعالجة هذه المشكلة بقيام الهيئة بإعداد دراسة متكاملة بالتعاون مع استشاري عالمي متخصص (SH&E) وبالتنسيق والتشاور مع الناقلات الجوية الوطنية، وقد أوصت تلك الدراسة بحزمة من التوصيات التي تنطوي على حلول وإجراءات من شأنها ضمان استمرارية التشغيل الداخلي ونمو وتطوير سوق النقل الجوي في المملكة.. وهي حلول جذرية أخذت في الاعتبار الأسباب التي دفعت الناقلتين إلى إيقاف رحلاتهما، وكانت شركة “سما للطيران” أعلنت في فبراير الماضي، عن اعتزامها إيقاف رحلاتها الداخلية والمخصصة لخدمة المدن الإلزامية، التي تشمل الرحلات الجوية بين الدمام وحائل، حائل والقريات، حائل ورفحاء حائل وتبوك، وكذلك الدمام وبيشة. اعتبارًا من 2 فبراير 2010. بسبب تكبدها أكثر من (50) مليون ريال خسائر متعلقة برحلات نقاط الخدمة الإلزامية منذ بدء التشغيل ودفعها ما يقرب من عشرة أضعاف سعر وقود للرحلات الداخلية، مقارنة بما تدفعه الخطوط الجوية العربية السعودية، حيث تتمتع بالدعم الكبير في الوقود، الذي لا يقدم للشركات السعودية الخاصة. كلفة التشغيل عدنان دباغ الرئيس التنفيذي لشركة طيران الوفير، أكد أن شركات الطيران الخاص تكبدت خسائر كبيرة منذ انطلاقها لعدة أسباب قد يكون أهمها ارتفاع تكلفة التشغيل مع قلة الدخل بمعنى زيادة المصروفات، مقارنة بالدخل الذي يعتبر قليلًا، لأنه على سبيل المثال رحلة من جدة للجوف يستخدمها 50 راكبًا في الأسبوع، وهذا يعد عددا قليلا لتشغيل أكثر من رحلة، خاصة أن أسعار التذاكر محددة من قبل الدولة كخدمة للمواطنين؛ فأصبحت بالتالي تكاليفها الثابتة عالية ودخلها قليلا، وقد يكون الوقود من أكثر ما يكلف هذه الشركات، إذ إنه يأخذ من تكاليفهم 60% في حين أن الوقود يكلف الخطوط السعودية 20% من تكاليفهم ولخروجهم من الأزمة لا بد من طلق أسعار التذاكر، أيضا ان الشركات الوطنية والخاصة تعمل تحت بطانة متساوية، فلا تعطي الخطوط السعودية ميزة لسعر الوقود بشكل رمزي والشركات الخاصة الأخرى لا تعطى هذه الميزة. وبيًن الدباغ أن سعر الجالون للشركات الخاصة يصل إلى 2.60 دولار في حين الجالون يعطى للخطوط السعودية بنحو 45 سنتًا فقط، وهذا فارق كبير، إلى جانب أسعار إيجارات مواقف الطائرات وأسعار رسوم الإقلاع والهبوط. تحرير القطاع الخاص وفي تصريح خاص ل“المدينة” أشارت هيئة الطيران المدني إلى انه وبعد صدور قرار تحرير قطاع النقل الجوي اتبعت الهيئة أسلوب التحرير التدريجي، انطلاقًا من خطتها الاستراتيجية، التي يأتي في مقدمة أهدافها ما يلي: أولا توفير رحلات منتظمة لجميع مطارات المملكة بأسعار معقولة وعادلة. وتسهيل الوصول للأماكن المقدسة. إلى جانب المساهمة في دعم خطط الخطوط الجوية العربية السعودية نحو الخصخصة وتحقيق المساواة بين الناقلات الوطنية كافة ضمن بيئة تنافسية ذات معايير دقيقة وعادلة، إضافة إلى ضرورة الاستغلال الأمثل لطاقة المطارات الاستيعابية والعمل على زيادتها وتطويرها، وعليه قامت الهيئة في ظل التحول بإصدار التراخيص اللازمة لثلاث ناقلات جوية وطنية جديدة (ناس، سما، الوفير) للعمل في مجال النقل الجوي.. وهي من الشركات التي تعمل وفق أسلوب (شركات الطيران منخفض التكاليف والأخيرة مخصصة للطيران العارض ولنقل المعتمرين والحجاج)، ولا شك أن هذه الخطوة وفرت المزيد من فرص السفر والتسهيلات للمواطنين وقاصدي المملكة.. وقد تركت الهيئة الباب مشرعًا لكل من يرغب في الاستثمار في هذا المجال. وكشفت هيئة الطيران المدني جهودها في حل المشاكل التي نجمت عن توقف رحلات الناقلتين الجديدتين لبعض النقاط. التي عمدت الهيئة عند الترخيص لها إلى توزيع أعباء خدمة النقاط الداخلية بالتساوي تقريبا على الناقلات الوطنية الثلاث (السعودية، سما، ناس) وتُعرف تلك النقاط بالنقاط الإلزامية، التي تنخفض فيها معدلات الحمولة، لدعم خصخصة الخطوط السعودية وتخفيف أعبائها. صعوبات سما وناس وعلى إثر ذلك تعرضت الناقلتان الجديدتان (سما، ناس) لصعوبات جمة بسبب انخفاض عدد الركاب في نقاط الخدمة الإلزامية، وعدم تناسب التكلفة التشغيلية مع أسعار التذاكر، ومن ثم تكبدتا خسائر ضخمة دفعت الناقلتين لإيقاف رحلاتهما لبعض النقاط الإلزامية، كما تسببت تلك الخسائر في الحد من نجاح الناقلتين المنشود من التشغيل الدولي. وبين تصريح هيئة الطيران المدني أنه بدراسة الوضع اتضح بما لا يدع مجالًا للشك أن التشغيل لجميع النقاط الداخلية بما في ذلك النقاط التي ترتفع فيها معدلات الحمولة لا يحقق الجدوى الاقتصادية، بل يتسبب في خسائر للناقلتين الجويتين الجديدتين، إذ إنهما كما هو معروف من شركات القطاع الخاص.. ومن ثم فإن استمرارية عملهما يعتمد على الربح والخسارة، وغني عن القول أن التشغيل الداخلي يكبد الخطوط السعودية هي الأخرى خسائر كبيرة تتراكم عامًا بعد عام، إلا أن الخطوط السعودية تحظى بامتيازات لا تحظى بها كل من (سما، ناس)، ويأتي في مقدمة تلك الامتيازات أسعار الوقود المخفضة، في حين لم يمنح ذلك الامتياز للشركتين إلا لستة أشهر فقط. أسعار لم تتغير وذكرت هيئة الطيران المدني أن هناك بعض الحقائق الواجب على الجميع علمها أهمها أن أسعار تذاكر الرحلات الداخلية لم تتغير منذ أكثر من (15) سنة، في حين ارتفعت أسعار الوقود بشكل كبير.. حيث قدر الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) التكلفة الإضافية الناجمة عن ارتفاع أسعار الوقود بنحو (99) مليار دولار في العام على مستوى العالم.. وعلى الجانب الآخر ارتفعت نسبة التضخم المحلي بنحو 30% خلال العشر سنوات الماضية.. كما ارتفعت التكلفة التشغيلية للناقلات الجوية بما يعادل 80% تقريبًا.. ولم تكن الناقلات الوطنية في المملكة بمعزل عن تلك المتغيرات.. ولذلك يمكننا أن نؤكد أنه مهما ازداد عدد الركاب وارتفعت معدلات الحمولة؛ فإن الناقلات الوطنية بما فيها الخطوط السعودية ستظل تعمل بخسارة بالنسبة للنقل الجوي الداخلي.. وتزداد هذه الخسارة في التشغيل إلى النقاط الإلزامية بسبب انخفاض عدد الركاب.. وتظل هذه المشكلة قائمة ما دامت الأسعار بقيت على حالها. وبمقارنة أسعار تذاكر الرحلات الداخلية في المملكة مع أسعارها في الدول المجاورة نجد أن أسعار تذاكر الرحلات الداخلية في الدول المجاورة تبلغ ضعف أسعار تذاكر الرحلات الداخلية في المملكة. دراسة كاملة من جانبها قدمت هيئة الطيران حلولًا مقترحة لقسمين (حلول عاجلة وأخرى آجلة)، وقد حرصت الهيئة على أن يكون من أهدافها أيضا تخفيف العبء على الدولة مستقبلا واعتماد الناقلات الجوية على نفسها شيئا فشيئا، وقد تم رفع تلك الدراسة وما تضمنته من اقتراحات إلى الجهات المختصة، ومن المنتظر إقرارها تمهيدًا لتطبيق ما اشتملت عليه من حلول. وريثما يتم إقرار تلك المقترحات جرى التنسيق مع الناقلات الوطنية الثلاث والخطوط السعودية بشكل خاص من أجل تغطية النقاط، التي توقفت عنها الخدمة كذلك الحال بالنسبة للنقاط التي قد تتوقف عنها الخدمة مستقبلا.. الحكومى والاقتصادى د. علي الحرابي المتخصص في إدارة النقل الجوي والعوامل البشرية، أشار إلى أهمية عدم المقارنة بين الطيران الحكومي والشركات الاقتصادية الخاصة.. لأن الأولى تختلف أو تزيد في نشاطاتها عن الأخريات، أبسطها امتيازها منذ إنشائها بأن يكون الناقل الوطني الرسمي للدولة، وبذلك من البديهي جدا أن تحظى بتسهيلات خاصة أولها: الدعم في أسعار الوقود المخفضة وتسهيلات بنكية أخرى. أضف إلى ذلك أن الناقل الوطني لديه خدمة الشحن الجوى والطيران الخاص وغيرها وهذا في رأيي رافد مادي كبير جدا. علمًا بأن الناقل الوطني هو الآخر يتعرض لخسائر كبيرة في عملياته الداخلية المفروضة عليه، بالرغم من امتياز تخفيض أسعار الوقود، وذلك لربط مناطق المملكة بجسر جوي منتظم لدعم سياسة الدولة. وقال: إذا كان سبب إلغاء “ناس وسما” للرحلات لبعض المدن هو سعر بيع الوقود المرتفع على الشركتين وبشكل كبير يتجاوز سبعة أضعاف السعر الممنوح للناقل الوطني “الخطوط السعودية” والزيادة برسوم الهبوط والإيواء والأمن والملاحة، فاسمحوا لي أن أقول إن السبب لا يكمن في ارتفاع أسعار الوقود ولا لتخفيض أسعار الوقود فقط؛ لأنهم يستخدمون نفس الوقود في الرحلات الدولية كما هي في الداخلية.. السؤال: لماذا لم يستخدموا طائرات صغيرة في الوجهات التي ليس عليها طلب كبير تتناسب مع عدد الركاب المتوقع سفرهم في كل محطة؟ أعتقد أن ذلك بسبب سوء إدارة وتخطيط ودراسات الجدوى الاقتصادية، حيث من غير المعقول استخدام طائرات ايرباص أو بوينج في رحلات لا يتجاوز عدد الركاب فيها 50 مسافرا ممكن يستفيدون من تجربة طيران السعيدة الطيار. النقل الجوي الفعال يعمل من خلال منظومة متكاملة (مطارات حديثة وأسطول جوي آمن) وتوفر إدارة مؤهلة ذات اختصاص في حقل النقل الجوي. وأضاف نظام الناقل الوطني لا يتضمن في مواده نص على أن الربح المادي هدف يسعى إليه بل تكوين (السعودية) هو لهدف توفير نقل جوي آمن للمواطنين، نظرا لاتساع جغرافية الوطن وحرارة الجو، والنقل الجوي عموما ربحيته متدنية عالميًا ويعمل كثير من الدول لدعم هذا القطاع العام. دمج الشركات وأشار الحرابي للحلول قائلا: قد يكون تأمين طائرات إضافية عن طريق الإيجار أمر هام لهذه الشركات وتحديث وتطوير طائرات اضافية عن طريق الايجار وتحديث وتطوير المطارات، إلى جانب توفير إدارة مؤهلة في صناعة النقل الجوي. وأوصى بدمج جميع الشركات الاقتصادية العاملة في المملكة تحت مظلة واحدة لتعمل بشكل متكامل وتنافسي من خلال التركيز على الطلب على السفر الداخلي يمكن أن يتحقق عنه مردود ضخم عبر تلبية الحاجة للسفر الداخلي المنتظم مع إدخال نظام الرحلات المتتابعة بين المدن الكبرى وكل من الرياض العاصمة والمدينة للزيارة وجدة للعمرة كل ساعة أو نصف ساعة استخدام نظام الأسعار المتفاوتة كما هو الحال في أمريكا، بحيث تزيد كلما تأخر المسافر في شراء التذكرة مثال: تخفيض 20% للمشتري قبل أسبوعين و15% للمشتري قبل 10 أيام وتخفيض 10% للمشتري قبل 5 أيام، وهذا يحقق سيولة وتشجيعا واستخداما أكبر للأسطول بجميع أنواعه وأحجامه وكذلك بأسعار تزيد في أوقات النهار مثال: 8 صباحا-8 مساء، والعكس ليلا 8 مساء -8 ص، ترسيخ البعد الديني للناقل الاقتصادي بالمشاركة في نقل عدد من الحجاج والمعتمرين وتوفر رحلات تخدم الحاج والمعتمر في الداخل ما بين جدة والمدينة بحجم السعة المقعدية المطلوبة. إحلال المؤهلين من المختصين المبدعين ذوي الفكر الخلاق محل نقيض ذلك في المراكز القيادية من الإدارة الوسطى وصعودا حتى الإدارة التنفيذية العليا للمؤسسة وفق برامج مدروسة متأنية وعلمية. تعالج أوضاع الموظفين بكادر عال ومرن لا يربط بالرواتب السائدة بالبلد لخصوصية عمل الناقلة الوطنية وببدلات مهنة وحوافز مجزية وعلاوة سنوية مستمرة طوال الخدمة غير مربوطة بالترقية مع أولوية لمن هم على صلة بالمسافر في مكتب المبيعات والحجز والمطارات بتنوع إختصاصاتهم. الجدوى الاقتصادية وبيّن الدكتور الحرابي أنه لا بد ألا نغفل أهمية دراسة ومراجعة صحة الجدوى الاقتصادية بشكل دقيق من قبل شركات الطيران الاقتصادي وأن غياب ذلك هو ما ولد هذه الأزمة، التي كانت أرقامها غير صحيحة ومبالغًا فيها عند الشروع في الدخول في هذا المجال التنافسي الحساس المعتمد كليا على مفهوم وهامش الربح والخسارة حسب استراتيجية القطاع الخاص. وحاليا في اعتقادي أن المواطن (للأسف) هو المتضرر الأول والأخير وليست شركات الطيران الاقتصادية.