نقصد بالسرديات ما يتعلق بالدرس حول هذا الفن الإبداعي: القديم \ المتجدد، فالسرديات فن قديم قدم الإبداع العربي، وكان ينافس الشعر في فترات مضت وربما كانت الغلبة للشعر.. لكن العصر الحديث أنصف السرديات، ليس من خلال انتشارها وذيوعها وتعلّق الناس بها، وإنما لتوفر دارسين مختصين بها، وهذا هو أساس إنصافها إذ أن النقاد والدارسين السابقين أهملوا السرديات بشكل ظاهر إما لجهل بها أو أن الشعر كان طاغيًا آخذًا بعقول الدارسين مترسخا في الوعي الجماعي النقدي لدى النقاد والمتلقين معًا..!! لقد ظهر الجاحظ في العصر العباسي بفن قصصي رائد رأيته من خلال رسالتي عنه “القصة في أدب الجاحظ” يفوق فن “بوتشيو” الإيطالي الذي جاء بعد الجاحظ بسبعة قرون. وجاء الهمذاني “بمقامات” لها طابع سردي مميز، وقبل هذا وذاك كان عبدالحميد الكاتب يرسم لملامح الرسالة الفنية عند العرب، وفي العصر العباسي جاء كتاب سرديون بإبداعات سردية مثل: عمرو بن مسعدة، وأحمد بن يوسف وإبراهيم بن المدير وابن العميد.. وغيرهم. لقد أهمل النقاد القدامى “فن السرد العربي”، وهو فن له حضوره في بعديه: القصصي أو النثري الفني إما لجهلهم بهذا الفن أو لأن الشعر كان مسيطرًا على الحركة الإبداعية والنقدية بشكل عام. كما قدمنا إن فن السرد ليس من خلال إبداعات، وهي إبداعات مشهورة منافسة، ولكن من خلال دارسيه والمختصين فيه يعد إنصافًا لهذا الفن الذي ظلّ مهملاً يقبع في ظل من اهتمامات النقاد والدارسين..!! يبقى بعد ذلك أن يوسّع دارسو السرد اهتمامهم لتشمل القديم إلى جانب الحديث حتى يتواصل الاهتمام وإلقاء الضوء على هذا الفن المظلوم في قديم الأدب العربي وحديثه.