منذ أسبوعين تحدثنا عن سلبيات عدم امتلاك الخطوط السعودية طائرات حديثة قادرة على خوض غمار المنافسة الدولية. والأسبوع الماضي كانت لنا إضاءة على أسباب تكبد الخطوط السعودية الخسائر الدائمة. وفي هذا المقال حري بنا التنويه أن الخطوط السعودية ليست مجرد شركة طيران عادية تابعة لمتمولين يتبنونها ويحمونها لطالما تحقق لهم الأرباح، ويتخلون عنها عندما تبدأ تتكبد الخسائر بل هي شركة وطنية تحمل عبر أسطولها الذي يجوب العالم سمعة المملكة العربية السعودية وما تمثله من قيم إنسانية وتاريخ وتراث وحضارة وموقع سياسي واقتصادي ومكانة دينية مميزة. وعندما يكون التصرف من قبل العاملين في الخطوط السعودية غريباً عن كل هذه القيم فإن الانعكاسات السلبية تمس المملكة كبلد وليس الخطوط السعودية كشركة خاصة وأن ما من رابط عاطفي بين أي مسافر وشركة السفر حتى يحسب نفسه أنه ملزم بتحمل سلبياتها وسوء تصرفها بل المصلحة هي سيدة الموقف وهي التي تحدد طبيعة العلاقة المفترض قيامها. ففي ظل المنافسة القوية عالمياً اليوم فإن المسافر لديه أولويات يفتش عنها ويتخذ على أساسها قرار السفر مع هذه الشركة أو تلك.. فهذه الخيارات متوافرة أمام المسافر على الرحلات الدولية.. ولكنها شبه مفقوده أمام المسافر على الرحلات الداخلية في المملكة إذا ما استبعدنا شركتي الطيران الخاصة الاقتصادي الموجه لشريحة مهمة من العملاء .ومن هذه الأولويات احترام المواعيد المحددة لكل رحلة دون إقدام المسؤول الإداري على الارتجال كما يحصل كثيراً من الأحيان مع زوار بيت الله الحرام في مناسبات الحج أو العمرة، وتحمل الشركة وموظفيها مسؤولية أي متغيرات أو تعديلات، واعتبار المسافر أنه مشروع زبون دائم لا التعاطي معه وكأنه يقوم برحلته الأخيرة كما يحصل على متن بعض رحلات الخطوط السعودية، واعتماد مبدأ المحاسبة الشفافة، وقبول ملاحظات المسافرين بروح رياضية عالية مع الأخذ بعين الاعتبار ما هو جدي ومفيد منها، وممارسة حسن الضيافة، وحفاوة الاستقبال، وحرارة التوديع، وتجاهل أن الموظف يعمل من أجل راتب آخر الشهر بل وكأنه يعمل عبر السهر الدائم على إنجاح عمل هو اختاره بملء إرادته ولم يفرضه أحد عليه. وهذه ليست لائحة تعليمات نضعها لكي تعمل بموجبها الخطوط السعودية بل هي بديهيات اكتسبناها من أسفارنا المتواصلة والتي باتت بالنسبة إلينا، كما لكل من يسافر، هي المعيار التي نأمل أن تكون الخطوط السعودية المقياس والقدوة، وعند ذلك سنتمكن من المجاهرة أمام العالم بأجمعه وأن نقول هذه تجربتنا في حقل الطيران، وهذا سلوكنا وتصرفنا، وهذه استراتيجيتنا، وهذه أرباحنا من مشروع يجب أن لا يكون خاسراً لا مادياً ولا معنوياً. وهذا هو حقيقة الإرادة الصادقة لما يسعى إليه سمو سيدي ولي العهد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام ورئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية العربية السعودية الساهر والحريص على أن تكون الخطوط السعودية مؤسسة تتمتع بقوتها وقيمتها الاقتصادية والتنافسية العالمية.. ومن الإنصاف أن نتذكر الجهود والمتابعة الدؤوبة لسمو الأمير فهد العبدالله مساعد وزير الدفاع والطيران لشؤون الطيران المدني نائب رئيس مجلس إدارة هذه المؤسسة لتنفيذ التوجيهات السامية.. وهنا تكمن مسؤولية الإدارات التنفيذية التي شرفها الله بأن تكون أداة عون لولاة الأمر للنهوض بهذه المؤسسة الوطنية الغالية....وليس ذلك على الله ببعيد. [email protected]