يعمل الكاتب التونسي عزالدين المدني بدأب على مشروعه في الكتابة المسرحية، حيث ترجمت له العديد من المسرحيات إلى عدد اللغات العالمية، كما كرم في العديد من المناسبات وحصل على جوائز عدة من أهمها جائزة سلطان العويس للسرد سنة 2006 ، ويتميز عز الدين المدني في مشروعه بطرح الأسئلة الفلسفية والفكرية والجمالية التي يقدمها بعمق، بجانب تعامله الواعي والمعاصر مع التراث العربي. وتعين المدني في مشروعه هذا بجانب المشاريع الإبداعية الأخرى مكتبة متنوعة المشارب، فعن محتواها يقول المدني: هذه المكتبة كما تراها مترامية الأطراف ولي شقة مليئة بالكتب، إذا دخلتها لابد أن تنحني حتى تستطيع أن تمر، أملك حاليًا ما يقارب من 13500 كتاب في جميع فروع المعرفة، بالعربية والفرنسية وقليل منها بالإنجليزية، دون أن ننسي أهم مجموعة في هذه المكتبة، وهي تحتوي على كتب مثل (الأغاني والعقد الفريد)، ومن الأشياء المهمة أيضًا كتب في الفلسفة العربية الإسلامية من مؤلفات الفارابي وابن باجة وبن رشد، وغيرهم من الفلاسفة.. أما في التاريخ العربي الإسلامي فهناك العديد من الكتب عن تاريخ المغرب، والأندلس، وتاريخ المشرق، وتاريخ مصر، وتاريخ الشام، وتاريخ الخليج، ولدي الكثير من الكتب الأخرى. علاقة صعبة ويتابع عزالدين حديثه كاشفًا عن العلاقة بينه وبين مكتبته بقوله: علاقتي اليومية بمكتبتي صارت صعبة بطول المدة؛ فأنا أنشئت هذه المكتبة منذ أن كنت صبيًّا، حيث جمعت كتبًا ثم فرطت فيها، ثم جمعتها مرة ثانية، بالعربية والفرنسية، ودعمتها بأفضل الكتب، فعوضًا من أن أشتري عقارات أو أراضي أو شققًا جمعت هذه المكتبة، وفي هذه الفترة هناك خبير في المكتبات يريد أن يعمل قوائم لها وهي لا تحصى فكما تعرفون أنا ناقد للفن التشكيلي بالإضافة إلى الكتابة المسرحية لي كتب عن المسرح العربي، وهي كثيرة جدًّا، من ناحية المؤلفات، المسرح العالمي، المسرح بالمغرب الأقصى، المسرح الجزائري، في تونس، وعن المسرح السعودي أيضًا.. كثرة كتبي وانشغالي بالكتابة، ومغريات الكتبة الإلكترونية لن تبعدني مهما كان عن الكتاب لأنه هو الأصل، هو النبع والمصدر وهو المرجع لذا سيبقى الكتاب ولن يعوض بأي شيء آخر لأنه سهل التناول والرجوع إليه. اهتمام بالتراث وينتقل المدني متحدثًا عن اتجاهه إلى التراث في أعماله المسرحية بعد أن كتب القصة والرواية قائلاً: هو ليس هروب فالتراث هو منا وإلينا التراث ما أفهمه شيء آخر، ليس جامدًا بل هو متحرك وحي، مثلاً جامع الزيتونة هو من التراث لكنه شيء حي ويستعمل في يومنا هذا، ومثل جامع القيروان إلى غير ذلك من الجوامع، بالإضافة إلى ذلك هناك تراثًا غير ديني، لكنه موجود وحي فالذاكرة القائلة أن التراث جامد وميت وماضي غير صحيحة، ولهذا أردت أن أجمع بين التراث والأدب الحديث في المسرح أو حتى في الفنون التشكيلية لنذكر مثلاً الواسطي صاحب المنمنمات الشهير والصورة وقيمة الصورة عند العرب المسلمين في القرن الرابع الهجري والخامس والسادس وإلى غير ذلك التي هي كانت ومازالت لها وقع وأثر في المخيلة العربية، وهذا شيء مهم.. إذن كتابة التراث عندي شيء مهم ومتواصلة آخرها (على البحر الوافر) التي تروي سيرة عبدالرحمن بن خلدون، لكن ابن خلدون هو الشخص المفكّر، المؤرخ، العالم الاجتماعي وعالم العمران الذي يعيش بيننا وليس عبدالرحمن بن خلدون الماضي، ذلك ما فعلته بتأقلم ابن خلدون مع حياتنا اليومية في يومنا هذا، وقدمت هذه المسرحية مع أكبر الممثلين التونسيين منهم المنصف السويسي وهشام رستم ومحمد كوكة، ولاقت نجاحًا كبيرًا، ولن أكتفي بهذا فأنا بصدد إعداد مسرحية جديدة اخترت لها (سيرة ابن رشد) وهي من إنتاج المنصف السويسي وإخراج محمد كوكة بمشاركة ممثلين كبار، وسنفتتح بها مهرجان الحمامات الدولي يوم 13 يوليو المقبل..إذن أعمالي المسرحية ستظل تراثية دون سواها لأنني لم أر أي مسرح يستهويني لأن الاتجاه الذي عملته هو اتجاه أزعم أنه الاتجاه الصحيح حتى أقدم للمتفرج التونسي والعربي مسرح كاقتراح، كحوار، كمناقشة لفكرة ما.. المسرح التونسي وعن تقييمه للمسرح التونسي والعربي اليوم تحدث في البداية عن المسرح التونسي قائلاً: هو مسرح جيد استطاع أن يقدم إلى الجمهور التونسي والعربي مسرحيات مهمة في الرصيد التونسي أولاً وأيضًا في الكتابة العالمية وقد فازت بعدد كبير من الجوائز ونالت إعجاب الجمهور وتمت مجازاتها في أكثر من بلد مثل مصر والمغرب أو الشام أو الخليج.. المسرح التونسي له إشعاع ويقال إن من يريد أن يتفرج على مسرج جيد ما عليه إلا أن يسافر إلى تونس ويشاهد أي مسرحية من المسرحيات الموجودة.. أما بخصوص المسرح العربي سأتحدث عنه من خلال التأليف أكثر من الإخراج أو شيء آخر، ففي التأليف هناك عدد من الكُتّاب العرب المهمين، مثل سعدالله ونوس، أو الفريد فرج أو ميخائيل رومان، والطيب الصديقي من المغرب الأقصى، ومصطفى كاتب وكاكي من الجزائر، والمنصف السويسي هؤلاء لا يقلون وزنًا وقيمة وأثر ووقعًا عن كبار المخرجين في المشرق العربي مثل المصريين أو السوريين أو الخليجيين. في انتظار الروائيات السعوديات وعن جائزة أبوالقاسم الشابي التي كانت محلية أصبحت عربية شاملة وعن مقاييس المشاركة فيها تحدث رئيس هذه الجائزة عزالدين المدني قائلاً: هذه الجائزة التي تأسست سنة 1984 وبدأ العمل بها سنة 86 هي جائزة مفتوحة على جميع أقطار العالم العربي برغبة من رئيس البنك التونسي الذي يمولها، والذي لا يرفض أي مشاركة عربية، وهو جعل الكثير من الكتاب العرب يتصلون بنا ويرسلون إبداعاتهم من المملكة العربية السعودية والخليج بصفة عامة ومن منطقة الشام التي تشمل سوريا ولبنان والأردن والعراق، المغرب العربي، وذلك بمشاركة فعالة سواء في الشعر أو القصة القصيرة، الرواية، المسرحية، المقال الأدبي الذي فيه المحصنات الجيدة، الكتابة العربية الجديدة الحديثة، ليس القديمة الكلاسيكية، فبعد الدورة السابقة التي كانت خاصة بالشعر بمناسبة مئوية أبوالقاسم الشابي التي فاز بها الشاعر المصري الدكتور علاء عبدالهادي ستكون مسابقة هذه السنة كبيرة جدًّا بعد أن وصلتنا إلى حد اليوم 190 رواية من جميع الأقطار العربية، أنا أدعو الكاتبات السعوديات وهن جيدات أن يشاركن في هذه الدورة بما إنني أعرفهن وقد قرأت لهن روايات ذات مستوى رفيع، وفي انتظار وصول مشاركة الكاتبات السعوديات. بدأت اللجنة العليا للمسابقة والشخصيات الثقافية والأدبية، وأيضًا النقاد الجامعيين النظر في محتوى الروايات المشاركة للحكم عليها واختيار صاحب الجائزة الأولى التي تفوق العشرة الألف دينار تونسي سيتم تسليمها في شهر ديسمبر 2010 في احتفال كبير.. على الكل نحن نتوقع وصول مشاركات أخرى تكون مسجلة آخرها يوم 15 يوليو 2010 حسب ما أعلنا عنه في 360 موقعًا، وحسب الشروط التي تتمثل أن يكون العمل لا يتجاوز عمره أربعة سنوات..