يناقش قادة دول مجموعة العشرين المنعقد حاليا في مدينة تورنتو بكندا مجموعة من القضايا الاقتصادية التي انعكست اثارها على مجتمع الاقتصاد الدولي بعد الازمة المالية العالمية التي اجتاحت العالم في 2008م. وتشارك المملكة بوفد رفيع المستوى يرأسه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود الذي وصل بحفظ الله ورعايته إلى مدينة تورنتو عصر امس قادماً من مدينة الدارالبيضاء. ويؤكد محللون أن حضور الملك عبدالله بن عبدالعزيز لقمة العشرين يؤكد مكانة ودور المملكة في استقرار الاقتصاد عالميا، استنادا على مكانتها على المستويين الاقتصادي والسياسي لا سيما وان القطاع المصرفي السعودي عكس قوته ومتانته خلال الازمة العالمية. من جهته حث رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر مجموعة العشرين امس على التعهد بخطوات إضافية لحماية التعافي العالمي الهشّ وسط علامات على انحسار وحدة الصف التي سادت في خضم الأزمة. وقال ديميتري سوداس المتحدث باسم هاربر للصحفيين: إن رئيس الوزراء اشاد خلال عشاء عمل لقمة مجموعة العشرين التي تستضيفها كندا بالتقدم الذي تحقق على صعيد تنفيذ التعهدات التي صدرت عن القمتين السابقتين. وقال: «كماسيشير رئيس الوزراء إلى أنه إذا كان لمجموعة العشرين أن تصبح المنتدى الاقتصادي الدولي الرئيسي فإنه سيتعيّن عليها اتخاذ خطوات إضافية لحماية التعافي وتفعيل نمو قوي ومستدام ومتوازن.» وتعتقد كندا أن مجموعة العشرين تستطيع التحرك بسرعة أكبر لتطبيق قواعد أشد صرامة للقطاع المصرفي من أجل الحيلولة دون انهيار عالمي جديد وستجدد دعوتها من أجل وضع أهداف مالية محددة لكل الأعضاء. ويناقش القادة المجتمعون في كندا تداعيات الأزمة المالية العالمية وأفضل طرق إصلاح اقتصادات المصارف واسواق المال. وعلى الرغم من ان هناك آمالا معقودة على الخروج بتوصيات تسهم في دعم عمليات الاصلاح المالي والمصرفي على مستوى العالم يرى مراقبون أن هناك خلافا واضحا بين الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي حول أفضل سبل الخروج من الأزمة الاقتصادية العالمية فقد أطلقت دول الاتحاد الأوروبي سلسلة واسعة من تخفيضات الميزانية في الأسابيع الاخيرة في محاولة لإقناع الأسواق والناخبين باستقرارها. لكن المسؤولين الأمريكيين يعربون عن قلقهم من أن الحماس الكبير في القيام بهذه التخفيضات يمكن أن يعرقل النمو لاحقا. وتحرص الولاياتالمتحدة على الاّ تترنح الدول الغنية سريعا فيما يتعلق بإنفاقها وقت الأزمات، من منطلق المخاوف من أن يتسبب ذلك في إثارة ركود كبير على غرار ذلك الذي شهدته الولاياتالمتحدة في ثلاثينيات القرن الماضي. لكن دول الاتحاد الأوروبي تبدي قلقها إزاء مشكلات الديون التي تطال اليونان وأسبانيا والبرتغال وتضع تركيزها على تقليص عجز موازناتها. وبين شدّ وجذب بين الدول المعنية بتعديل سياستها النقدية لا سيما الصين ، فقد حذّرت الاخيرة من أنها لا ترغب في التعرّض لضغوط علنية لرفع قيمة عملتها التي يتهمها شركاؤها منذ اشهر بالابقاء عليها دون قيمتها الحقيقية بهدف منح افضلية لصادراتها. واعربت الصين عن نيتها في العودة الى نظام نسب صرف اكثر مرونة. وقال محللون : إن البنك المركزي الصيني شجّع على ما يبدو مصارف صينية على شراء دولارات واضعاف اليوان بذلك ليبرهن على ان سعر صرف اكثر ليونة يعني تقلبات في الاتجاهين. وكانت الصين توقعت اندلاع الازمة المالية العالمية فأعادت ربط عملتها بالدولار صيف 2008 وحدد سعر صرفها في حدود 6.8 يوان للدولار، مفضلة بذلك الاستقرار. ومع الانتعاش الاقتصادي تعززت الضغوط التي يمارسها الشركاء التجاريون الرئيسيون وخصوصا الولاياتالمتحدة من اجل رفع سعر اليوان. وقالت المستشارة الألمانيةأنجيلا ميركل في خطابها الأسبوعي المتلفز عبر الانترنت أمس: إن ألمانياالغربية بها قطاع مزدهر من الشركات المتوسطة والعديد من الشركات الجديدة التي يتم إنشاؤها يوما بعد يوم «ولكن لدينا بطالة هيكلية كبيرة في ولايات شرق ألمانيا وهي أكبر بكثير منها في غرب البلاد» يشار إلى أن ألمانياالغربية اعتمدت المارك الألماني في ألمانياالشرقية في الأول من يوليو عام 1990 وأنها سمحت بتغيير مارك ألمانياالشرقية بواقع مارك غربي مقابل مارك شرقي وذلك بعد تسعة أشهر من سقوط جدار برلين وقبل إعادة توحيد شطري البلاد، في وقت لاحق من ذاك العام. ورغم أن اتحاد العملة بين الألمانيتين، والذي دفع به المستشار الألماني الأسبق هلموت كول آنذاك، كان ذا أهمية سياسية كبيرة، إلا أنه أضرّ اقتصاديا بالكثير من الشركات الألمانية التي عانت من مساوئ كبيرة لهذه العملة في منافستها مع شركات شرق ألمانيا. ورغم ذلك، اعتبرت ميركل الوحدة «نجاحا سياسيا واقتصاديا كبيرا للشعب في جميع أنحاء ألمانيا» مضيفة أن العملة الموحدة كانت «تنطوي على مخاطر ولكنه كان خطوة شجاعة توّجت بالنجاح في النهاية». ---- أول اجتماع لقادة مجموعة العشرين في 2008 * مجموعة العشرين هو منتدى تأسس سنة 1999 بسبب الأزمات المالية في التسعينات. يمثل هذا المنتدى ثلثي التجارة في العالم وأيضا يمثل أكثر من 90 بالمئة من الناتج العالمي الخام. * يهدف إلى تعزيز تضافر الدولي، وترسيخ مبدأ الحوار الموسع بمراعاة زيادة الثقل الاقتصادي الذي أصبحت تتمتع به عدد من الدول. * أنشئت مجموعة العشرين بناء على مبادرة من مجموعة السبع عام 1999 لتجمع الدول الصناعية الكبرى مع الدول الناشئة كالصين والبرازيل والمكسيك، لمناقشة الموضوعات الرئيسة التي تهم الاقتصاد العالمي. * تعد المجموعة منتدى غير رسمي يهدف إلى تعزيز الحوار البناء بين الدول الصناعية والاقتصادات الناشئة خاصة فيما يتعلق باستقرار الاقتصاد الدولي. *جاء إنشاء المجموعة كرد فعل على الأزمات المالية التي حدثت في نهاية التسعينات خاصة الأزمة المالية بجنوب شرق آسيا وأزمة المكسيك، وكاعتراف بأنه لم يتم بشكل مناسب ضم الاقتصادات الناشئة لصميم الحوارات الاقتصادية العالمية. *قبل إنشاء مجموعة العشرين كانت هناك مجموعتان هدفتا أيضا إلى تعزيز الحوار والتحليل الاقتصادي وتم إنشاؤهما بمبادرة من مجموعة السبع الصناعية. * اجتمعت إحدى المجموعتين وهي مجموعة ال22 في واشنطن في أبريل وأكتوبر 1988، وكان هدفها إشراك الدول غير الأعضاء في مجموعة السبع في اتخاذ قرارات عالمية تتعلق بالأزمات المالية التي تؤثر في أسواق الاقتصادات الناشئة. *أما مجموعة ال33 فقد اجتمعت في مارس نيسان 1999 لبحث سبل إصلاح الاقتصاد الدولي والنظام المالي الدولي. *كان لاقتراحات المجموعتين 22 و33 حول حماية الاقتصاد العالمي من الأزمات أهميتها في تشكيل مجموعة العشرين في 1999 التي ضمت الاقتصادات الناشئة بجوار الدول الغنية وأصبحت تعقد اجتماعاتها بانتظام. ** تتألف المجموعة من: الأرجنتين وأستراليا والبرازيل وكندا والصين وفرنسا وألمانيا والهند وإندونيسيا وإيطاليا واليابان والمكسيك وروسيا والمملكة العربية السعودية وجنوب أفريقيا وتركيا وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدةوالولاياتالمتحدة، مع مشاركة كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ورئاسة الاتحاد الأوروبي ورئيسي اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية (IMFC) ولجنة التنمية (DC). **القمم السابقة على مستوى قادة الدول : 15/ نوفمبر /2008م واشنطن يعتبر هذا التاريخ أول مرة في تاريخ مجموعة العشرين، يجتمع فيه رؤساء الدول والحكومات وليس فقط وزراء المالية.