نفى معالي الدكتور راشد الراجح أن يكون قد تعرّض لأي نوع من الضغوط لتقديم استقالته من رئاسة مجلس إدارة نادي مكة الثقافي، مرجعًا سبب استقالته إلى رغبته في إفساح المجال أمام عناصر إدارية جديدة بعد أن أدى دوره بالكامل، مبينًا أن جنوحه نحو إعلان الاستقالة في وسائل الإعلام قصد من ورائه قطع دابر الشائعات، وتفويت الفرصة على أي محاولة لإثنائه للعدول عنها.. مشيرًا كذلك إلى أنهم لم يتعمدوا أن تكون فعاليات النادي نخبوية من واقع تقديم الدعوة لكبار المسؤولين والأسماء اللامعة في الفكر والثقافة والأدب، مبينًا أن النادي لم يقصِ أصحاب الحداثة من منبره، غير أنه أشار كذلك إلى خصوصية نادي مكة الثقافي وموقعه في الأراضي المقدسة بما استوجب تقديم برامج تراعي هذه الخصوصية.. وحول تجربته في جامعة أم القرى أوضح الراجح أنه عندما تولى عمادة كلية الشريعة كان همه الأساسي فتح قسم للدراسات العليا في اللغة العربية، مؤكدًا في هذا السياق أن الجامعة كان بها كل التخصصات العلمية رغم رفض بعض «المشايخ» واعتراضهم على تضمين التخصصات الطبية والتقنية في الجامعة.. الراجح أشار إلى أن هناك تشابهًا كبيرًا بين مهام مجلس الشورى ومركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني من واقع عمله فيهما، مشيرًا إلى أن الفرق الوحيد بينهما يتمثل في طريقة طرح الموضوعات فقط.. تفاصيل تجربة الراجح في نادي مكة الثقافي، وجامعة أم القرى ومجلس الشورى ومركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في سياق هذا الحوار.. وجهات نظر لبناء النادي * دار جدل عريض حول مقر نادي مكة الثقافي وبيعه.. بصفتكم كنتم رئيسًا لهذا النادي لماذا تأخر إنشاء المقر طيلة هذا الوقت؟ لم أكن أتوقع هذا السؤال لأنه ينبغي أن يوجه للإخوة المسؤولين في النادي. أنا بعيد عن النادي هذه الأيام، لأني سلّمت الراية للإخوة الكرام وهم محل ثقة بإذن الله. نادي مكة الأدبي أنشئ سنة 1395ه، واحتفل بمرور ربع قرن على إنشائه، وحضر الاحتفال المغفور له بإذن الله سمو الأمير فيصل بن فهد الرئيس العام للرئاسة العامة لرئاسة الشباب في ذلك الوقت. قدم سموه الدعم له، واستمر النادي في موقعه الحالي الذي لا يزال فيه فترة من الزمن. كانت هناك وجهات نظر في مجلس إدارة النادي: هل نبني في المقر الحالي وهو بمساحة 2800 متر مربع وهي مساحة لا بأس بها في مكةالمكرمة. لكن لم يكن هناك المبلغ المادي الذي يغطي تكاليف هذا البناء في ذلك الوقت، لأن النادي كان يتسلّم إعانة من الرئاسة العامة لرعاية الشباب ولم يكن النادي داخلًا ضمن إطار الوزارة رسميًا. بعد فترة من الزمن وعلى ضوء اللقاءات التي تمت كل سنة برزت هناك قضية بناء مواقع للأندية الأدبية. اجتمعنا بمعالي وزير الإعلام بعد أن انتقلت الأندية لوزارة الإعلام من الرئاسة العامة لرعاية الشباب. عقد لقاء في نادي مكة الثقافي الأدبي لرؤساء الأندية الأدبية بحضور معالي وزير الثقافة والإعلام آنذاك الأستاذ إياد مدني وحضر سعادة وكيل الوزارة للشؤون الثقافية الأستاذ الدكتور عبدالعزيز بن محمد السبيل، وتم دراسة الموضوع. تم الاتفاق على أن تقدم الوزارة لكل نادٍ أدبي مبلغ عشرة ملايين ريال لاستكمال بناء النادي. كان هناك أمر سامٍ كريم بأن يعطى كل نادٍ أدبي قطعة أرض في المدينة التي هو فيها. وافق المجتمعون على هذا المبلغ وإن كان زهيدًا في رأي البعض، ولكن الوزير وعد بأن يحصل على هذا المبلغ وأن يقوم بدوره لدى الجهات العليا للحصول على هذا المبلغ. مرت فترة ولم يحدث شيء. المهم لم نحصل على المبلغ الذي وعدنا به، ربما تكون هناك أسباب لعدم استلامه. قبل أن أسلم الراية لمن أتى بعدي وبتوفيق الله عز وجل ثم بدعم الإخوة في مجلس الإدارة حصلنا على قطعة أرض على الخط الدائري الثالث من أمانة العاصمة المقدسة، وبعد جهد خاص مع سمو الأمير فيصل بن فهد -رحمه الله- حيث حصلنا على 10 آلاف متر مربع. كانت هناك محاولة لنقلنا من هذا المكان إلى مكان بعيد ومنزوٍ. المكان الذي تم تحديده للنادي في البداية كان مكانًا غير مناسب أبدًا. قلت لمعالي أمين العاصمة المقدسة أننا لا نقبل بهذا المكان، ولا يمكن أن نقيم ناديًا أدبيًا في مكةالمكرمة بيت المسلمين في هذا المكان. بعد جهد ولأي تم تخصيص الموقع الذي ذكرته لك. بعد جهد آخر مع معالي أمين العاصمة حصلنا على 7 آلاف متر مربع أخرى لتصبح أكبر مساحة لنادٍ أدبي في المملكة في ما نعلم. جهد خاص * هل كان موقعًا واحدًا؟ نعم. حصلنا على هذه الأرض ووجدنا بجوارها مساحة شاغرة وتفاهمت مع الدكتور فؤاد غزالي أمين العاصمة السابق حول ضمها إلى النادي واتفقنا على ذلك وتم تسوير الموقعين. كانت هناك معاملة إدارية انتهت بعد مغادرتي لمجلس إدارة النادي وتم الحصول على صك أرضي بالأرض. كذلك بجهد خاص تحصلنا على قطعة أرض إضافية للنادي من مواطن كريم هو الأستاذ يحيى الزايدي وشقيقه الأستاذ مشعل الزايدي على طريق مكةجدة وهي بمساحة 10 ألف متر إضافية، وهي يد بيضاء تشكر لهذين المواطنين جزاهما الله على ما قدما، وقمنا باستلام الموقع والحمد لله تم بناؤه وحصلنا على الصك. كنا نتوقع قبل مغادرتي لمجلس الإدارة أن نتسلم المبلغ الذي وعدنا به ولكن لم يتم ذلك. موقع مهم * وماذا عن المبلغ الذي وعدت الوزارة بتسليمه للأندية الأدبية؟ كما ذكرت كنا نتوقع أن نستلم المبلغ لكن ذلك لم يحدث. كان بالإمكان أن يكون هناك دور للإخوة للحصول على هذا المبلغ، لكن ربما كان لهم عذر. كان من المفروض أن تقوم الوزارة بتنفيذ ما وعدت به. الآن هناك وزير جديد هو معالي الأخ الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة ووعدنا بأن يبذل جهدًا إضافيًا لما بذله معالي الوزير السابق. وأتصور أن الإخوة إذا قاموا بالتعاون مع معالي الوزير والمواطن ستكون هناك نتيجة. كان هناك أمل في أن بعض أثرياء مكةالمكرمة وغيرها سيقومون بدعم هذا النادي وكان هناك أمل في أنه إذا لم يتم اعتماد مبلغ العشرة ملايين أن يكون هناك دعم من المواطنين، ولكن الدولة بحمد الله قوية ولا تقصر وحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله-، وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان وسمو النائب الثاني الأمير نايف كلهم يدعمون هذه الأعمال، خاصة الأدبية والتعليمية. كل أملي أن يواصلوا الجهد مع الوزارة لأن الأندية الأدبية جزء لا يتجزأ من وزارة رسمية معتمدة. إذا رفضت الدولة اعتماد مبالغ مالية لبناء هذه الأندية، فهذا يعني أنه لا يوجد داعٍ في الأصل لوجود هذه الأندية. هذا الرأي أقدمه كمواطن مخلص عادي وليس كمسؤول في النادي. إذا كان بالإمكان اعتماد مبالغ لبناء الأندية، وفي هذا الوقت الذي يتوفر فيه الدعم ولله الحمد لجميع مناحي الحياة؛ فليبدأ الإخوان في السعي للحصول على اعتماد مالي، وأرى أن يبقوا في الموقع الذي فيه النادي الآن حتى يتم بناء ناد جديد إذا كانت هناك نية لذلك. هناك ثلاثة مواقع للنادي. أملي ورجائي أن يتم البناء في الموقع الكبير في الخط الدائري على أن يظل النادي حاليًا في موقعه الذي هو فيه. صاحب القرار هو مجلس الإدارة الحالي والوزارة. يمكن للنادي أن يبقى في الموقع الحالي الموجود به الآن وأن يحاول مجلس الإدارة الحصول على مبلغ كافٍ ليبنى النادي في الموقع المحدد. يمكن أن يكون في النادي الموقع الآخر بعض المناسبات للنادي التي يمكن أن يقيمها من وقت لآخر، أو أن يستثمر لما يعود نفعه بالفائدة للنادي وتمكينه من القيام بدوره، كما يمكن أن يستغل الموقع الحالي للنادي وهو ليس بموقع منزوٍ، بل هو مجاور للقصر الملكي في منى. الموقع مهم وحساس ويمكن أن يستغل أيضًا لمصلحة النادي، لاسيما أن حي العزيزية أصبح من الأحياء المهمة في مكة. أتصور أن وجود النادي في هذا الموقع مهم جدًا وأرى ألا يُفرط في ذلك حتى يتم بناء موقع جديد للنادي. استقالة بلا ضغوط * هناك من يرى أنه تم الضغط على رؤساء الأندية حتى يتقدموا باستقالاتهم.. ما تعليقكم؟ ضغوطات من أي جهة؟! * من الوزارة على رؤساء الأندية حتى يستقيلوا؟ تكوين مجلس الإدارة السابق تم بقرار من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله-، وهو الذي أصدر القرار بعد أن رفعت إليه الترشيحات من الأستاذ إبراهيم فودة. كنت من المتشرفين بهذه الثقة الملكية الغالية وأسأل الله أن أكون قد وفقت في القيام ببعض ما كان يؤمل فيه ولاة الأمر وفقهم الله لما يحبه ويرضاه، ورحم الله من انتقل منهم إلى رحاب الله عز وجل. لم تمارس عليّ أي ضغوط من أي مسؤول، لا من وزارة الثقافة والإعلام بعد أن انتقل إليها أمر الأندية الأدبية، ولا من الرئاسة العامة لرعاية الشباب، عندما كانت مسؤولة عن هذه الأندية. بالعكس كنت أجد التقدير والاحترام ولم أشعر بأي ضغط. قدمت استقالتي بعد أن مر عليَّ عشرون عامًا من العمل في هذا النادي الذي يقع في أطهر بقعة على وجه الأرض. وهى فترة كافية ليأتي غيرنا. كنت أشعر أن هناك رغبة في بقائي، لكني لم أبق لأني شعرت أنني أديت دوري على الوجه الأكمل ورغبت في إعطاء الفرصة لوجوه جديدة. تحصين ضد الضغوط * بم تفسر اتجاهك لإعلان استقالتك للجميع عبر وسائل الإعلام في صفحة كاملة؟ خشية الضغط عليّ للاستمرار حتى إشعار آخر. ثم لماذا لا تكون الاستقالة معلنة؟ هذه فترة طويلة بقيتها في النادي استمرت لعشرين سنة وينبغي أن تعلن نهايتها حتى لا يقال إن هناك ضغوطًا مورست عليّ للاستقالة. أحببت أن اقطع دابر الإشاعات التي يمكن أن تنتشر. الاستقالة لم تكن مني فقط بل كانت لمجلس الإدارة، حيث تم تشكيل مجلس إدارة آخر أردت أن أبين ما قدمه الزملاء وجهود الجمهور الكريم من محبي النادي. قمنا بطباعة كتب وأقمنا ندوات ومحاضرات وشاركنا في مؤتمرات آخرها المؤتمر الذي قدمت استقالتي بعده. نخبوية غير متعمدة * النادي في عهدكم كان نخبويًا، وأن محاضريه كانوا على الدوام من كبار الشخصيات بحكم درجة معاليكم وإدارتكم للجامعة وغياب المثقفين من خارج هذه الفئة؟ إذا كنت تسأل عن النخبة من حيث إلقاء المحاضرات، لا أعتقد أننا تعمدنا ذلك الأمر بأن يكون نخبويًا. قمنا بتوجيه الدعوة إلى بعض المسؤولين أمثال سمو الأمير ماجد والأمير عبدالمجيد وأمراء المنطقة ونوابهم. كذلك دعونا وزير التعليم العالي ومعالي الدكتور إبراهيم العواجي ومجموعة كبيرة من الوزراء ومديري الجامعات وكبار المثقفين والأدباء. أعترف أننا دعونا مجموعة من المسؤولين وكبار المثقفين والأدباء وأعيان المملكة وبعضا ممن هم من خارج المملكة أمثال الشيخ يوسف القرضاوي وحسين مؤنس وعددًا كبيرًا من المغرب ودول أخرى. ولكن أحيانًا تكون هناك ندوات يقيمها طلاب، وأحيانًا تكون هناك مناسبات، وأحيانًا يشارك أناس مغمورون. العمل كان خلطة من عدة مستويات فكرية والتخصصات الشرعية والأدبية والثقافية والاقتصادية والتنموية وغيرها. شارك صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل وكان حينها أميرًا لمنطقة عسير بأمسية ولقاء عن التنمية في تلك المنطقة. لا أتصور أن النادي كان مكتفيًا بالنخبة أو أنه لا يدعو إلا البارزين، ولكن المسؤول أو البارز يحظى بتغطية من رجال الإعلام وغيرهم. جوار خاص * النادي كان مناهضًا للحداثة.. فلم ذلك؟ من قال لك هذا؟! ارجع إلى أنشطة النادي وسترى فيه بعض رموز الحداثة وبعض من يرد عليهم. إذا قصد بالحداثة التجديد والتطوير بما يتفق والثوابت الإسلامية، وما يتوافق مع أخلاق العقيدة الإسلامية، وما يتفق وما عليه مجتمعنا من خصوصية. أنا ممن يرى أن المجتمع السعودي له خصوصية ليست لغيره من المجتمعات، كما أنه كغيره في بعض الأمور. عندما يكون هناك ناد في مكةالمكرمة بجوار البيت الحرام، جوار قبلة المسلمين، وبجوار المشاعر المقدسة، فهذا يعني أن له رسالة خاصة بجانب الرسالة العامة وهي التثقيف التي نتشارك فيها مع بقية الأندية في المملكة. لذلك أرى أنه في نادي مكة الأدبي ونادي المدينةالمنورة أن تراعى هذه الخصوصية، بحيث يكون التركيز على الجوانب التي لها علاقة برسالة مكةالمكرمة. أنا ممن لا يرى هذا التصنيف ما بين حداثي وليبرالي، وأركز على أن يكون الحوار حوار موضوعات ونقاشًا مفيدًا. هذه آراء قد يوافق عليها البعض وقد يعارضها آخرون. الإمام الشافعي رحمه الله كان يقول رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب. الحداثة بها أخطاء وربما يكون فيها بعض الصواب. والحكمة ضالة المؤمن. * ما رأيكم في اتجاه وزارة الثقافة والإعلام إلى المراكز الثقافية لتكون بديلًا للأندية الأدبية؟ حسب رأيي أن الموضوع لا يزال تحت الدراسة. دعه حتى يتم ويعلن عنه وبعد ذلك يمكن أن نبدي آراءنا حوله. لائحة الأندية الأدبية حسب علمي لا تزال تدرس. عندما تصدر اللائحة ويتم ما ذكرته عندها يمكن أن نبدي الرأي إذا طُلب منا. سبق أن تقدمنا بمشروع لائحة ضمن اللوائح التي قامت بقية الأندية بتقديمها. قيل أنه سيعاد النظر في هذه اللوائح ونرجو إن شاء الله أن تبرز إلى حيز الواقع قريبًا. * كنت أول مدير لجامعة أم القرى وقضيت فترة طويلة مديرًا لها لمدة تصل إلى 15 سنة. في الفترة الأخيرة أصبح التغيير في منصب مدير الجامعة كثيرًا للدرجة التي أصبح فيها مزعجًا للجامعة.. ما تعليقكم حول هذا التغيير المتكرر؟ هذا الموضوع لا يمكن أن يكون لي فيه أي رأي لأنه قرار يخص ولي الأمر وصاحب القرار الذي ينظر من منظور معين وله عدة أسباب وحيثيات وهو صاحب الصلاحية. هذه أمور تصدر من أعلى مسؤول وهو ملك البلاد. حيثيات الاختيار * موقع الجامعة في العابدية وسط وادٍ وبالتالي فإن الجامعة معرضة للسيول.. يقال إنك كنت وراء اختيار هذا الموقع للجامعة؟ يبدو أنك لم تقرأ تصريحي حول هذا الأمر. كتب بعض الإخوة كتابات عديدة عن هذا الأمر. بدوري أجبت عليهم مع كامل احترامي للرأي الآخر وبينت وجهة نظري في الموضوع. هذه الجامعة تعز عليًّ كثيرًا، وذكرت ذلك في تعليقي على من كتبوا. ما أشرت إليه في ردي على من كتبوا فيه ما يكفي؛ لكن لا مانع من أن أشير إلى البعض الآخر. عندما تشرفت بالثقة الملكية الغالية من الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- وكيلًا ثم مديرًا للجامعة بدأت في اختيار الموقع الذي توجد به الجامعة، لذلك كان الانتقال إلى الموقع الجديد مرحليًا، بدأنا نبحث عن موقع وتم تشكيل لجنة من المقام السامي ووزارة المالية. قام الإخوة المكلفون بالبحث عن مواقع بزيارة الجامعة وتعرفوا على رأيها وكيف هي الرؤى التي تراها إدارة الجامعة لمستقبل هذه الجامعة الوليدة. كانت هناك عدة مواقع أحدها عند عين شمس، وموقع آخر خلف موقع إنتركونتننتال وموقع بين جدةومكة حول بوابة مكة، والموقع الذي نحن فيه الآن في العابدية. دار النقاش حول هذه المواقع. العابدية اختيرت لأسباب كثيرة ولا شك أن الاختيار تم من المقام السامي ونحن وافقنا عليه. موقع عين شمس بعيد ولا تتوافر فيه الخدمات ويحتاج إلى زمن طويل. الموقع خلف إنتركونتننتال به مشكلات كثيرة حيث هناك أملاك وأوقاف كثيرة. الفندق نفسه وقف. كما أن الفندق نفسه يقع في مجرى سيل ووادي. أما الموقع بين جدةومكة فقد كنا نرغب فيه لكن كانت هناك صكوك على صكوك، ووجدت أسعارا مغالية جدًّا في الأراضي وصكوكا قديمة وصكوكا جديدة، وفي نفس الوقت وجد موقع آخر بجانب مشعر عرفات على طريق مكةالطائف وكان لمكة فرع في الطائف به 6 آلاف طالب وطالبة في فرع جامعة أم القرى بالطائف. كذلك فإن جزءًا من هذا الموقع يقع في الحرم وجزءًا منه يقع في الحل. والكليات العلمية قد تحتاج إلى بعض العناصر غير المسلمة كما تعلم. من هذا المنطلق وقع الاختيار على الموقع الحالي الذي به الجامعة للأسباب التي أشرت إليها، أتصور أن هذا الموقع مناسب جدًّا. أما قضية السيول فهذه قضية لها حلول. السيول اجتاحت جدة وبدأ المقام السامي الكريم في دراسة الوضع من جديد، والحمد لله انتبهنا إلى هذه الجزئية وذكرنا في المخططات أن هناك سيلا قد يقع. قبل أن تضع الجامعة حجر الأساس درست هذا الموقع. الدكتور محمد يوسف برماوي أمين الجامعة وكان مهندسًا قدم لنا العديد من المساعدات باعتباره مهندسًا. أقيمت بعض السدود وطلب عمل سدود أخرى وذكرت في حواري السابق الذي أجبت فيه على بعض تساؤلات الزملاء بما يجب أن نقوم به. قلت إنني أدعو إلى زيادة السدود وعمل نوع من الأنفاق والمجاري الخاصة للمياه حتى تصب في البحر الأحمر وليس أن تسيل من عندنا وتغرق الآخرين. يجب أن تكون الدراسة متكاملة من الألف إلى الياء. ويجب اتخاذ الاحتياطات اللازمة ولكل مشكلة حل، وأبونا إبراهيم قال في القرآن الكريم «ربنا إني أسكنت من ذريتي بوادٍ غير ذي زرعٍ عند بيتك المحرم» الآية. * تشكلت من تجربتين مختلفتين؛ كلية الشريعة بمكة ومن جامعات بريطانيا، أين الترغيب في داخلك؟ نشأت في محافظة تربة ودرست الابتدائية فيها وهي بلدة مشهورة أدركت الجاهلية والإسلام ومحافظة مشهورة من كبرى المحافظات في منطقة مكةالمكرمة. تعلمت فيها حتى الرابعة ثم انتقلت إلى الطائف وأكملت دراستي بها، ثم انتقلت إلى دار التوحيد، وهي معهد إسلامي معظم ما يدرس فيه هو الدراسات الشرعية إلى جانب دراسات اللغة العربية والجغرافيا والتاريخ والحضارة والعلوم الاجتماعية. انتقلت بعد ذلك إلى كلية الشريعة وكان الأساتذة من نفس النوعية وفيهم الخير تخرجوا في الأزهر، وبدأ العنصر السعودي يدخل إلى كلية الشريعة. تخرجت في الكلية وعُيِّنت معيدًا فيها. وعندما بدأ الابتعاث لم يكن يسمح في ذلك الوقت بالسفر إلى مصر لظروف سياسية. سئلنا عن رغبتنا في السفر. كانت كلية الشريعة تتبع وزارة المعارف التي هي مسؤولة عن ابتعاثنا. قالوا لنا إن الظروف غير مهيأة الآن للسفر إلى مصر ولا يوجد غير بريطانيا. قلنا لهم إننا تخرجنا في كلية الشريعة ولم ندرس اللغة الإنجليزية، كما أن دراستنا ذات طبيعة شرعية ولغوية. المهم في الأمر تم ابتعاثي ومجموعة من الزملاء إلى بريطانيا وتم قبولي في أربع جامعات اخترت منها جامعة كمبردج. المشرف الذي تم تعيينه لنا كان يظن أننا ندرس بالإنجليزية في المرحلة الثانوية، وفوجئوا بأننا لا ندرك منها إلا القليل أو أقل منه. خضعنا لدراسة اللغة لسنة كاملة وبعدها بدأنا الدراسة، وحصلت بحمد الله على درجة الدكتوراه في فلسفة اللغة العربية والدراسات الإسلامية. لا أرى في الوقت الحاضر حاجة كبيرة في الوقت الحالي إلى الابتعاث في الدراسات العربية والإسلامية إلى غير الدول العربية. بمجرد أن رجعت وتوليت عمادة كلية الشريعة كان همي الأساسي أن نفتح قسمًا للدراسات العليا في اللغة العربية.