ينتظر المواطنون السعوديون مواقف أكثر من بطولية من أعضاء مجلس الشورى الموقرين، لأن هذا المجلس الجليل هو الصوت المعبّر عن آلامهم وآمالهم واحتياجاتهم وطموحاتهم، ولكن وفي بعض الأحيان وعندما ينتظرون توصيات المجلس المبارك، ويتوقعون وبكل حسن ظن أن تكون إلى جانبهم إذا بهم يفاجئون بما يخيب رجاءهم، بل إن بعض أعضاء المجلس أصبح يمارس دورًا تعسّفيًّا وكأنه وضع فوق هذا الكرسي ليزيد الجروح تفتقًا والآلام تعميقًا. وعلى سبيل المثال لا الحصر، وعندما تابعت مؤخرًا مداخلات بعض أعضاء المجلس الأفاضل حول مقترح زيادة مكافآت طلاب الجامعات كان المعارضون لهذه الزيادة (المقترحة) أربعين أو أكثر والمؤيدون حول السبعين، أمّا المؤيدون فجزاهم الله خيرًا على موقفهم الإنساني والاجتماعي الرائع، وأمّا المعارضون فأرجو لو أنهم تريثوا كثيرًا قبل إبداء آرائهم وتبريراتهم بعدم موافقتهم على الزيادة.! ولعلّها فرصة لنسأل هؤلاء المعارضين، فيما إذا كانوا ذات يوم طلابًا في جامعاتنا العزيزة، وهل كانوا ممّن ينفق على والديه من هذه المكافأة، وهل عاشوا عالة على الآخرين في المواصلات بين السكن والجامعة، وهل مرت بهم أيام بل وأشهر دون مكافأة، وهل كان عليهم دفع أجرة السكن والمأكل والمشرب والملبس، وقيمة الكتب والمراجع والمذكرات الدراسية التي تبلغ المئات في معظم الأحيان..؟! أرجو أن يكون لكل أعضاء مجلس الشورى الموقرين معايشة ومعرفة دقيقة لأحوال مواطنيهم الحقيقية وما يعانيه الأكثرية من شظف العيش وعظم المسؤولية العائلية والاجتماعية كي يكونوا أمناء بحق على احتياجات مواطنيهم والاهتمام بأحوالهم، وأن يكونوا قريبين جدًا منهم يتحسّسون أفراحهم وأتراحهم، لا أن يكونوا سيفًا مسلطًا على رقابهم عامة والمستضعفين منهم على وجه الخصوص.! وإذا كان من الضروري أن يعترض المعترضون، وأن يدلوا بدلوهم فقد كان بإمكانهم أن يقترحوا أفكارًا قابلة للمناقشة، وربما القبول حتى من المواطن الغلبان، لا أن تصدر اقتراحاتهم بصفة قرارات ملزمة، فعلى سبيل المثال وكبديل عن الزيادة المقترحة، أو إضافة إليها فقد يكون من المناسب اقتراح صرف بدل مراجع سنويًا، وبدل مواصلات، وبدل سكن، وخاصة للمتزوجين -وقد كان معمولاً به- وبدل تذاكر للمغتربين، وبدل علاج وخاصة لأصحاب الأمراض المزمنة، هذا إن كانت رغبة المعارضين للزيادة المشاركة بصدق في علاج مشكلات طلاب الجامعات ومساعدتهم وتشجيعهم في مغامرة الدراسة، ونيل المؤهّل الجامعي، وقد يكون مناسبًا أيضًا اقتراح أفكار لتطوير الأداء الأكاديمي، وتوفير كافة الإمكانات للطلاب كي يشعروا بمتعة الدراسة واللهفة على طلب العلم، والشعور بأهمية التفوق العلمي. [email protected]