هنالك خيار وفقوس في معالجة المجتمع الدولي للأزمات الراهنة المتلاحقة! ويبدو أن وضعية المنطقة التي تحدث فيها أزمة وأهميتها هي ما يستدعي بذل الجهود من أجل إيجاد حل. وتشكل الصومال واحدة من أكثر المناطق معاناة من الإهمال الذي عنيناه. فالحكومة الصومالية لا تسيطر إلاّ على جزء صغير من العاصمة مقديشو، فيما يسيطر متمردو الشباب وهم متطرفون إسلاميون على الجزء الأكبر من العاصمة، بينما الحماية التي توفرها القوات الإفريقية للحكومة الصومالية تكفي بالكاد للمحافظة على المقر الرئاسي. حتى البرلمان لم تستطع تلك القوات حمايته إذ تعرض للقصف قبيل انعقاد جلسة له مضطربة يوم الأحد الماضي. والقوات الأفريقية نفسها هي جزء صغير من الفصائل التي وافق الاتحاد الإفريقي بدعم من الأممالمتحدة على إرسالها إلى الصومال في أعقاب انسحاب القوات الإثيوبية من ذلك البلد المنكوب بعد تكوين الحكومة الانتقالية المؤقتة بقيادة الرئيس الشيخ شريف الشيخ أحمد في يناير 2009م. مسرح الأحداث الحالي في الصومال شبيه بحالة جسد في رقدته السريرية الأخيرة بينما تنهشه الأمراض من كل حدب وصوب: قراصنة، شباب مجاهدون، متمردون آخرون يستولون على مقر منظمة إنسانية بريطانية في وسط الصومال، جبهة تحرير أوغادين تبسط سيطرتها على محمية للجيش الإثيوبي في المنطقة الصومالية بإثيوبيا وتقتل 94 جنديًا ومتمردون يقصفون مسجدًا بمقديشو وشباب المجاهدين يقصفون مبنى البرلمان. أما رئيس البرلمان آدن محمد نور فيعلن أن حكومة الصومال لم يعد لها وجود في الوقت الذي يصوت البرلمان على حجب الثقة عنه هو نفسه كرئيس ويستقيل من مهامه، لكن رئيس الجمهورية يعده بمنصب وزاري. أما الخلاف بين رئيس الجمهورية الشيخ شريف شيخ أحمد ورئيس الوزراء عمر عبدالرشيد شارماركي فبلغ أشده حين أعلن رئيس الجمهورية عن نيته تشكيل حكومة جديدة دون أن يحل الحكومة السابقة ويندد شارماركي رئيس الوزراء بهذا القرار قائلاً إن رئيس الجمهورية لا يملك هذا الحق. الحكومة الصومالية أصلاً هشة والدعم الدولي الموجه نحوها هو دعم على الورق بأكثر ممّا هو على أرض الواقع. القراصنة ما زالوا يعملون في جبهتهم البحرية ويناوشون التجارة البحرية هناك. لكن أخطر ما في الصومال هو الجماعات المتطرفة التي تسعى لفرض سلطة في الصومال تبدو طالبان إزاءها دولة عصرية بينما المجتمع الدولي منشغل بتلك الدولة العصرية تاركًا الصومال يصارع مآله الظلامي الوشيك؛ حيث تتكرر المأساة في شكل ملهاة هذه المرّة.