تسير عجلة الإصلاح التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على النهج الذي رسمه -حفظه الله- وهو الصبر، وعدم استعجال أي تغيير قبل دراسته، وتجربته، واستشراف ما يعود بالنفع على الوطن والمواطنين. وبالأمس القريب وضع الملك المفدى إضافة إصلاحية جديدة في برنامجه الإصلاحي، حيث قرر مجلس الوزراء الموافقة على إنشاء هيئة اعتبارية مستقلة، وهي (الهيئة العامة للأوقاف)، ويتوقع من هذه الهيئة أن تحقق الهدف الذي أُنشئت من أجله، وهو كما ورد في قرار مجلس الوزراء أن تتولّى عددًا من المهمات، ومنها اقتراح الخطط والسياسات العامة والأنظمة المتعلقة بنشاط الأوقاف، وتنفيذها بعد إقرارها ومراجعتها، وتقويمها، والعمل على تطويرها وتحديثها، وكذلك إدارة الأوقاف التي تكون الهيئة ناظرة عليها، واستثمارها على أسس اقتصادية، وبأساليب تجارية بقصد حفظها وتنميتها. وحصر الأموال الموقوفة، وتسجيلها باستخدام أفضل الأساليب والنظم التقنية المتاحة، وإنشاء قاعدة بيانات للأوقاف، وأخيرًا المحافظة على أعيان الأوقاف التي تكون الهيئة ناظرة عليها، وصيانتها ومنع أي تعدٍّ عليها، وكما نص القرار فإن هذه الهيئة ستلغي وكالة الوزارة للأوقاف، وسينقل لها مهمّات المجلس المجلس الأعلى للأوقاف والمجالس الفرعية.. وطالما أن هذه الهيئة الوليدة في طور الإنشاء، فالمستحسن ألاّ يلغى (نقل مهمات المجالس الفرعية إلى الهيئة الجديدة) دور المجالس الفرعية التي تعتبر أكثر قربًا من الأوقاف التي ترعاها الدولة، وبالتالي فهي أكثر دراية بوضعها وأهميتها وقيمتها، وكيفية استثمارها، وخصوصًا تلك الأوقاف الموجودة في مكةالمكرمة والمدينة المنورة، حيث تختص تلك الأوقاف بخاصية فريدة، وهي أن تستغل وتستثمر ليكون ريعها إيجابيًّا، كما هو منصوص عليه حسب شروط الوقف، على أن يعود ريع تلك الأوقاف على الحرم المكي، أو الحرم النبوي، وأربطتها، ومدارسها، والأسر التي يذهب جزء من عوائد الأوقاف لها. ولا يجيز الشرع أن تخالف وصية الواقف، كأن يُستفاد من خراج تلك الأوقاف لدعم أو إصلاح أو تنمية أوقاف أخرى، أو في مسارب غير ما نصّت عليه وصية الواقف. ونحمدالله أن فتح على علمائنا بإجازة تطوير الأوقاف، ودخولها بأسعارها في شركات التطوير، حيث سيتغير وجه تلك الأوقاف، وتتحول من بيوت متهالكة أو خربة تدر الفتات كريع سنوي إلى عشرات المرات من العوائد المالية التي تحقق للواقف أقصى درجات رغبته من وقف ما يملك لأسرته، وطرق الخير الأخرى على نحو ما ستخطط له الهيئة الجديدة. نتمنى في هذا الطور الإصلاحي أن تبنى نشأة هيئة الأوقاف على أسس معرفية وعلمية تستفيد من خبرات من تعاملوا مع الأوقاف، وأن تضم في إدارتها ومجلسها من العلماء، والخبراء، وأصحاب الخبرات، والأعيان من أهل الرأي المستقل، والتفكير الجدي في إيجاد مجلسين تنفيذيين للمدينتين المقدستين ضمن منهج تنظيمي يؤطر العلاقة بينهما وهيئة الأوقاف، وبما يجعل الهيئة تحقق الغرض الذي أُنشئت من أجله لإبراء الذمم، ولتحقيق الرؤية الإصلاحية لملكنا الغالي.. والله من وراء القصد. [email protected]