يبدو من الواضح أن هنالك قوى تعمل في الخفاء لعرقلة الوفاق العراقي والحيلولة دون تشكيل الحكومة العراقية الجديدة انطلاقًا من الحقيقة بأن كل يوم يمر دون أن ترى تلك الحكومة النور يصب في مصلحة تلك القوى التي تتطلع نحو إطالة عمر حالة الفراغ السياسي إلى أطول مدة ممكنة بهدف إعادة العراق إلى المربع الأول ونسف كل ما تحقق من إنجازات أمنية وتوافقية بين الأطياف العراقية خلال السنوات الماضية. لا شك أن تلك القوى تقف وراء الهجمات التي تزايدت وتيرتها بعد الانتخابات وأوقعت عشرات القتلى والجرحى باعتبارها المستفيد الأول من عودة الفوضى والاضطرابات إلى العراق ومحاولة إشعال فتيل الطائفية وإيقاد نار الحرب الأهلية مجددًا مستغلة محاولات الخلافات التي نشبت بين القائمة العراقية وقائمة دولة القانون بعد الانتخابات لتنفيذ مخططاتها الشريرة بإشعال الوضع مجددا وتبديد كل النجاحات الأمنية التي تحققت خلال الفترة الماضية وآخرها مقتل البغدادي والمصري أحد أبرز زعماء تنظيم القاعدة في العراق. المطلوب من الأحزاب العراقية الرئيسة الالتفات إلى تلك المحاولات بجدية أكبر والتنبه إلى ما تشكله من مخاطر حقيقية على أمن واستقرار ومستقبل العراق ، والكف عن محاولات النبش في تاريخ بعض فئات الشعب العراقي ممن كانوا يعملون موظفين أثناء عهد صدام حسين ، واتهامهم بأنهم بعثيون ، والعمل على إقصائهم من المشاركة في الحياة السياسية على نحو ما حدث مؤخرًا بصدور قرار الهيئة العراقية القضائية القاضي بإلغاء نتائج 52 مرشحًا شاركوا في الانتخابات التشريعية لارتباطهم بالنظام السابق . مثل هذه الإجراءات من إقصاء ومحاكمة ومساءلة وملاحقة لأشخاص تنحصر تهمهم في أنهم تصادف وأن كانوا موظفين لدى نظام سابق ، لا يبدو منطقيًا البتة، لا سيما بعد أن تم الإطاحة بذلك النظام ومحاكمة رموزه الكبرى وعلى رأسهم صدام حسين ، وبما يستوجب فتح صفحة جديدة من الوفاق والحوار بين كافة القوى السياسية العراقية والعمل على مواجهة القوى الحقيقية التي تقف وراء تحريك الفتنة الطائفية بدءًا من الخروج من حالة السجال السياسي الحالي إلى أفق أرحب من التوافق والتعايش والتطلع نحو المستقبل الذي تشارك فيه كافة فئات الشعب العراقي .