بديلاً عن المقدمة: قررتُ أن أخصصَ هذه المقالة؛ لمناقشة بعض الردود، كنوع من التواصل مع القارئ العزيز.. * أفكار لها مخالب: يوافقني الدكتور الجامعي على أن الأفكار لها أجنحة، ولكنه يضيف أن منها له مخالب، ويستحق القنص، فأقول: نعم.. ولكن بالنهاية ليس بوسعها إلاّ أن تطير، كما ليس بوسعنا أن نشطرها إلى أفكار مجنحة، وأخرى زاحفة، والحل خلاف ما تفضّلت لا يكون بإطلاق النار عليها من مسدسات الرقابة؛ لأن كل محاولة لقتلها تحمل في بذورها فعلاً إحيائيًّا جديدًا لها، لقد صنعنا من سلمان رشدي روائيًّا، ومن شيرين عبادي باحثة، وغيرهم الكثير ممّن حوّلتهم ماكينة الرقابة المريضة إلى أبطال، وعلى هؤلاء الذين ينتظرون أن يلقوا بعد كل طلقة فكر طلقة رصاص هامدة، أن يتوقعوا جمهرة جمعها أزيز الرصاص، والحل لا يكون إلاّ بتجاهل الغبي من هذه الأفكار، والإشكالي المجاني منها، ونقد مَن يرتقي إلى مستوى النقد. * ما الحل؟ أرهقني هذا القارئ بمطاردة كل مقالة أكتبها بتعليق يفيد أن الكاتبة لا تقدّم حلولاً، وأرد قائلة: إن الكاتب يا عزيزي لا يملك حانوتًا يبيع فيه الحلول، وليس بإمكانه بحكم افتقاده للتربة الاختصاصية في البحث أن يرفق وصفة علاجية لكل ناحية مرضية يشير لها، إنه وكما ذكرنا يفتح القوس غير مطالب بإغلاقها، يسلط الضوء على موقع الحدث، ولا يهمه أقوال الشهود، واستجواب المتهمين، مع عدم التقليل من دور الكاتب لأن تشخيص العلة بلغة الطب هي نصف الدواء. * الاستعطاف وسيلة: كررها غير مرة وهو يصر على أن المفتاح السحري لتحرر المرأة لا يكون إلاّ من خلال حوار استعطافي مع الرجل، متجاهلاً أن القضية ليست بساطًا يتمدد فوقه الرجل، وتريد المرأة نصفه، أن موضع العلة يكمن في تغيير النظرة الدونية للمرأة كما يراها الرجل ضدها، وكما تراها هي ضد نفسها، إنها إشكالية واحدة المضمون (تحرر المرأة من هذه النظرة) ثنائية الحل (رجل + امرأة)، ثلاثية الأثر (رجل متفهم + امرأة بالغة الرشد = مجتمع سوى). * بساطة: مَن يطلب مني الكتابة ببساطة حتى يتفهمني القارئ العادي، فإني لن أقول كما يقول المتشدّقون بأني أكتب لشريحة معينة، ولا يعنيني الآخرون، بل أقول إن مهمة الكاتب (المبدع)، بل ومن حق القارئ عليه رفع مستوى ذائقة القراءة لديه، وتقديم الأفضل له، وإلاّ عليَّ أن أختار مسمّى حكواتية بدلاً من كاتبة، ثم متى كان أسلوب الكاتب مسألة إرادية داخل النطاق التحكمي، وأجد نفسي مضطرة للإجابة بسؤال: هل بوسع طائر الكناري أن يثور على طريقة تغريده؟ وهل بإمكان مزارع الأعناب أن تثمر غير ثمارها؟ * ختامًا: إني وإن أهملت بعض الردود، فإن ذلك على الورق فقط، ولضيق المساحة، والأهم لكون بعضها مصيبًا لدرجة طالت قناعاتي ذاتها، أيضًا بهذه المناسبة أخص بالشكر وعميق الثناء دكتور عبدالرحمن العرابي، الذي خصني بإحدى مقالاته، وقد خذلني الحظ ولم أقرأها إلاَّ بعد أن فات قطار الردود زمنه المعتاد، أيضًا مع خالص احترامي لكل قارئ شاركني وقته ردًّا، أو قراءة، سواء أكان في القبول، أو في الرفض، أمّا البعض الذين يميلون للتحطيم أقول كما قلنا بالمقالة السابقة إن مهمة الأسرة الواحدة هي استيعاب المراهق المثقف.. ودمتم.