تطرقنا من على هذا المنبر قبل شهور قليلة الى دور السفير السعودي في الخارج ، ونوهنا بالمناسبة بأنشطة بعض السفراء الذين كانوا خير قدوة لتمثيل المملكة وحكومتها وشعبها. وازددنا حبوراً وزهواً عندما قرأنا ما اوصى به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز سفراء المملكة المعتمدين في الخارج والذين دعاهم الى فتح قلوبهم وأبواب سفاراتهم لخدمة المواطن السعودي دون تمييز او تفريق او تقصير لأن السفارة كما قال «ما وُجدت إلا للشعب السعودي وخدمة الشعب السعودي، ومرضاة ربكم عز وجل». ونهاهم خادم الحرمين الشريفين عن عدم قول الحقيقة الى وزارة الخارجية المعنية بالدرجة الأولى باتخاذ المواقف المناسبة وفق مقتضيات وتطورات الأمور. وحتى لا يجرح خادم الحرمين الشريفين كبرياء السفراء ولا ان يحط من معنوياتهم لأنه يريدهم كباراً بحجم البلد الذي ينتمون اليه فقد حجب عنهم ما لديه من ملاحظات عن بعض الممارسات مفضلاً ان تصلهم عبر مسؤولهم المباشر سمو الأمير سعود الفيصل. هذا السلوك الإنساني لا يمكن ان ينتهجه إلا من هم بمستوى ومنزلة اولياء الأمر في المملكة العربية السعودية الذين يؤكدون يومياً جدارة لا تضاهى في إدارة دفة الحكم في البلاد حيث يتابعون عن كثب كل شاردة وواردة دون ان تشغلهم عن خدمة المواطن ورفاهيته وأمنه وسلامته أية هموم أخرى مهما كانت طبيعتها او نوعيتها او خطورتها. ولكم نحن بحاجة الى من ينقل هذه الصورة على حقيقتها الى الخارج لنعطي فكرة للعالم اجمع عن شفافية العلاقة التي تربط الرعية بالحاكم والتي لا يمكن ان يرتقي الى درجتها كل ما يقال عن الديمقراطيات الغربية وأساليبها وأنظمتها وممارساتها. ومن هو الأولى بالقيام بهذه المهمة النبيلة سوى السفير المعتمد في الخارج الذي يعكس من خلال ممارساته واهتماماته صورة مصغرة عن بلده وأولياء امره .. وللأسف فإن البعض من سفرائنا في الخارج لا هم لهم سوى حضور حفلات الاستقبال ، والمناسبات الرسمية ، والملتقيات الخاصة والذين غالباً ما تكون ابواب مكاتبهم محكمة الإقفال ولا تفتح إلا لأناس محدودين. وكما قلنا في مقالات سابقة نعيد اليوم التذكير بأن السفير في الخارج يعني انه الحامي للمواطن السعودي والمدافع عن مصالح التاجر والمعين الأول للصناعي والموجه للطالب والمواسي للمريض والمرشد للمستثمر والمتابع لكل التفاصيل التي تهم بلده وتعزز من مكانته وتصون مصالحه وتعكس الصورة المشرقة لحكامه. هذه هي مهمة السفير الحقيقي الذي لم يتم تعيينه إلا ليقوم بهذه المهام التي اساء بعض السفراء تفسيرها ظناً منهم أن من مستلزمات ممارسة دور السفير ان يتوفر المرافق والسائق والبيت اللائق ، والقدرة على السهر والسمر ، وحسن اختيار الثياب ، وترك كل ما عدا ذلك على عاتق الدبلوماسيين الذين يجتهد كل واحد منهم بحسب ما يرتئي ، حالهم في ذلك حال المسافرين في سفينة دون ربان!! *[email protected]