مداخلة مع الدكتور مدني علاقي سنوات المحبة والألفة والتآلف التي جمعتنا نحن الثلاثة (مدني وسامي وأشموني) الحمدلله لا زالت مستمرة ومتواصلة بكل معاني المودة والاخلاص وروح التفاني والعطاء لأن اساسها متين وقوي مبني على الصدق والاخاء والشفافية والاحترام المتبادل وهذه منة ونعمة من المولى الكريم نسأل الله عز وجل دوامها واستمراريتها وهي امتداد لما غرسه فينا الآباء والامهات والاهل والمجتمع والمدرسة، وما ذكر صديقي الدكتور مدني عن المربي الكبير الاستاذ محمد عبدالصمد فدا حصل معي في آخر سنة (بمدرسة الامراء النموذجية بالطائف) فمن عادات ذلك المدير المربي الفذ ان يقف على البوابة الرئيسية للمدرسة، وحضرت يوما مع زميلي وصديق الدراسة الاستاذ معتوق الزائدي متأخرين خمس دقائق فإذا به يبادرنا بقوله بعد ان رد السلام والتحية (ناس كبار في التوجيهي نامسيتهم كحلي) انا في المدرسة لا اعرف صديقا أو قريبا، يشير إلى قرابته لي (فهو ابن عمتي) الكل هنا سواسية انتم محرومون من الحصص الثلاث الاولى واذا تكرر منكم هذا التأخير فعليكم العودة الى منازلكم. هؤلاء كانوا العلماء المعلمين فكانوا لنا قدوة ومنارة خير وعلم تنير لنا الطريق. وكنا في مكة والطائف وجدة نعيش وسط مجتمع منفتح على كل الحضارات الاسلامية الراقية، الوافدة للحج والعمرة فقد كانت الوسطية الاسلامية والاحترام المتبادل بين الافراد والأسر هو القانون المتعامل به، فلم نكن نعرف الغلو او التشدد او التعالي. من هذه البيئة الصالحة ومن هذا المجتمع الوسطي انطلقنا لاكمال دراستنا الجامعية في مدينة القاهرة نتلقى العلم في مكان واحد وعلى مدرج واحد مع زملاء وزميلات من مصر ومن العالم العربي تتعامل بثقة واحترام متبادل في ظل منافسة شريفة لبلوغ وتحقيق الهدف دون اي نوازع شريرة او أهواء. نأمل أن يتعايش الابناء والاحفاد بهذه الروح وبتلك الحوافز البناءة الخيرة ليكون الحاضر والمستقبل افضل وأحلى من الماضي. ولأخي وصديقي الدكتور مدني علاقي دوام النشاط والتألق وكلي شوق انتظارا لمذكراته التي وعدني باصدارها. محمد علي بن منصور اشموني نلوم زماننا والعيب فينا نلوم زماننا والعيب فينا .. وما لزماننا عيب سوانا ) إن المتتبع لبعض صحفنا المحلية التي تتناول مهمة الحراك الثقافي ، وتحاول أن تثقف المجتمع بضرورة تقبل الرأي الآخر أو هي تدعي ذلك ، هي مجرد مجاملة أو ادعاء زائف لا يسنده الواقع ، أقول ذلك وأنا أتابع تعليقات القراء على كتاب تلك الصحف سواء على صفحاتها أو في مواقعها الإلكترونية ، فالقارئ الذي يسند الكاتب ويقف معه في رأيه ويؤيده على الإطلاق يسمح لتعليقه بالظهور ، بينما القارئ الذي يمتلك رؤية مختلفة أو رأياً آخر لا يتوافق مع رأي الكاتب نجد الصحيفة تحجب تعليقه وتتجاهل مشاركته ، وهذا الأسلوب مع الأسف ينم عن سلوك سلطوي ومنهج أحادي تفرضه الصحيفة على قرائها ، مع أنها – أي الصحيفة - دائما تطالب بالحرية والتعددية ، فأي تناقض كهذا ؟؟ إلا إذا كنت تقصد بالحرية والتعددية ما يتوافق ويتماهى مع نهجها وطرحها ، فذاك في نظري بعيد عن التعددية وغارق في الإقصاء والأحادية ، ونلاحظ بالذات أن الكتابات التي تتناول القضايا الدينية وقضايا المرأة هي الأقوى استقطابا للتعليقات ولكن من طرف واحد فقط ، أي من الطرف الذي يصفق بقوة للكاتب (الفئوي) الذي طرح فكرته فيتبعه جميع التعليقات المؤيدة ، وتحجب كل التعليقات المعارضة ، وكأن الأمر مقصور أو محصور على تلك الفئة دون غيرها وهذا هو منتهى الاستبداد الفكري ، إن المأمول بل المطلوب من الصحافة المحلية أن تقف على مسافة واحدة متساوية من جميع الأطراف المتحاورة ، لكي تمنح كل طرف أن يقول ما لديه ، طالما التزم بأدب الحوار المنهجي حيال القضية المطروحة وابتعد عن التجريح الشخصي للكاتب ، أما أن تبقى بعض صحفنا بهذا الانحياز فذلك لن يزيد الفجوة إلا اتساعا ، ولن يزيد الجرح إلا نزفا ، إن العقلاء والمخلصين يسعون بكل جهودهم إلى احتواء الاختلافات الفكرية بين أبناء الوطن الواحد ، للوصول إلى نقاط مشتركة ورؤى متجانسة تحد من التنافر والبغضاء ، وتحقق العدالة والتوافق الاجتماعي ، وهذا لن يتأتى إلا بحوار وطني صادق وشفاف وعادل بين مختلف الفئات الفكرية ، إنها دعوة صادقة أوجهها إلى صحافتنا بالتحديد وإلى إعلامنا بصفة عامة أن يسعوا إلى تحقيق ذلك ، حتى نصل إلى المستوى الحضاري والفكري الذي ننشده جميعاً ، ثم لا ننسى أن الصحافة هي المدرسة الأساسية والأرض الخصبة لبذر مظاهر الديموقراطية في نسيج المجتمع ، فليس جميع القراء ممن يحظون بلقاءات النخبة في مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني ، وليس الشعب كله أعضاء في مجلس الشورى ، وبالتالي فإن الصحافة هي النافذة الوحيدة للتعبير عن الرأي بأكبر نسبة جماهيرية ، فيارؤساء التحرير افسحوا المجال لآراء القراء ودعوهم يعبرون عن آمالهم وآلامهم ، سواء عبر الصفحات الورقية أو عبر النوافذ الإلكترونية لمطبوعاتكم . د. جرمان أحمد الشهري - جدة