هذا تقرير بالغ الأهمية، أصدره منذ أسابيع البنك المركزي الهندي، وبنك الاحتياطي الفيدرالي الهندي، عن ارتفاع حجم التحويلات المالية الواردة من العاملين الهنود في الخارج لعام 2009، حيث بلغت 55 مليار دولار، بزيادة نسبتها 7% عن العام الفائت 2008، وهو ما يعدُّ قفزة كبيرة، خاصة وأن الرقم لم يتعدَّ الملياري دولار أواخر الثمانينيات، وتتصدر الهند قائمة الدول الأكثر تلقيًا للتحويلات المالية من العاملين بالخارج، لما يقرب من عقد حتى الآن. * * * ورغم أن الهنود العاملين في منطقة الخليج، يمثلون 90% من العمالة الهندية في الخارج، فإنهم قد أسهموا بنسبة 27% فقط من زيادة التحويلات، ممّا يؤكد أن هجرة خبراء تكنولوجيا المعلومات الهنود إلى أوروبا والولاياتالمتحدةالأمريكية، ورواتبهم العالية هي السبب الرئيسي لارتفاع تحويلات العاملين الهنود إلى بلادهم، فقد شكّلت تحويلات الهنود في أوروبا 13%، بينما شكّلت تحويلاتهم من أمريكا 44%. وطبقًا لتقرير نشرته جريدة الشرق الأوسط من نيودلهي، يعدُّ مبلغ ال55 مليار دولار، أكثر من ضعف حجم ميزانية الدفاع السنوي، وأكبر من صادرات تكنولوجيا المعلومات، والتجارة الهندية السنوية مع الولاياتالمتحدة، ونفس قيمة التجارة مع الصين (أضخم شريك تجاري مع الهند)، وقد يتزايد الرقم إذا ما أُضيفت إليه الحوالات غير الشرعية، وتأتي الصين في المرتبة الثانية بعد الهند، في تلقي التحويلات المالية، لتبلغ 48 مليار دولار، كما تأتي المكسيك ثالثة بجملة تحويلات بلغت 26 مليار دولار، بحسب الإحصاءات التي وضعها البنك الدولي. * * * ما تهدف إليه هذه السطور، هو توضيح الأهمية البالغة للعلم والمعرفة والتقنية للنهضة والازدهار في هذا العصر، وهو ما ركزت عليه الصين والهند، اللذان تجاوز عدد سكانهما المليار نسمة، ويمثل أمامنا نموذجان لدولتين من أغنى الدول في العالم، وهما سنغافورة وفنلندا، لا تملكان أي موارد طبيعية كالبترول مثلاً، لكنهما أقامتا كيانيهما الوطنيين كليهما على العلم والمعرفة والتقنية.