وجهت الكاتبة وجيهة الحويدر خطابًا لوزير العدل المغربي تطالبه فيه على لسان امرأة سعودية هُدمت حياتها الزوجية، بمنع زواج النساء المغربيات من المواطنين السعوديين. وإن كنتُ أقف مع حق نسائنا، تمثلهنّ هنا الكاتبة وجيهة الحويدر، في الدفاع عن ما تعتقد أنه حق للمرأة السعودية، فإني أخالفها في النهج الذي اتّبعته في تحقيق هذا الهدف، حيث لا يمكن للأنظمة والقوانين أن تختار للمرء قرينه. وأنا مع توصية مجلس الشورى، التي رفضتها وزارة الداخلية، بتخفيف ضوابط زواج السعوديين من الخارج، ليس فقط لما يشكّله الزواج دون تصاريح من مآسٍ على الأبناء عند الانفصال، وما يعكسه من إساءة إلى سمعة المملكة، ولكن لأن الزواج هو اختيار شخصي يعود للزوجين وحدهما دون تدخل من الجهات الرسمية. وأرى أنه بدلاً من المطالبة بحظر الزواج من الخارج، أو استجداء المسؤولين في تلك الدول برفع الظلم عن السعوديات، عبر وضع قانون رادع لنسائهنّ عن الزواج بسعوديين، ضرورة النظر إلى الداخل السعودي، ودراسة أسباب عزوف بعض السعوديين عن الزواج من الداخل، وتزايد ظاهرة العنوسة بين بناتنا التي بلغت نحو مليوني عانس وفق بعض الإحصائيات المحلية، الأمر الذي ينبئ بكارثة اجتماعية إن لم توجد الحلول الجذرية لهذه الظاهرة. ولعلّ أهم تلك الحلول هو تيسير تكاليف الزواج، والابتعاد عن ارتفاع المهور التي تكون سببًا في عضل الفتاة عن الزواج، رغم أن الإسلام حثّ على الاعتدال والوسطية في كل شيء، ومن ذلك المهور، والحرص على الخُلق والدّين قبل المال عند اختيار الزوج المناسب. إن زواج السعودي من الخارج ليس سببه إغراء بنات تلك الدول لرجالنا، أو لقلة مؤهلات الفتاة السعودية الجمالية، أو الأخلاقية، أو غيرها... ولكن لتعقيدات الزواج اليوم عنه في السابق. لذا فليس غريبًا أن تكون العنوسة في المجتمع، كما تقول الدكتورة ابتسام العنبري الأستاذ المساعد في كلية التربية للبنات بجدة، إحدى المشكلات الاجتماعية الكبرى في المجتمع التي ظهرت على السطح بسبب عوامل شخصية واقتصادية واجتماعية متعددة ومتشابكة، من أبرزها زيادة الاهتمام بالماديات من ناحية المهر، وحفلات الزفاف وغيره، ممّا يجعل فكرة الزواج في حد ذاتها غولاً يغتال الرغبة في تحقيقها، إضافة إلى المواصفات الخرافية المطلوبة في الزوجة، سواء من الرجل أم من أهله. وهناك أسباب أخرى يتحرّج المجتمع من التطرّق إليها، مثل تكافؤ النسب، وتلاعب الخاطبات في المعلومات لكلا الزوجين، وخجل المرأة من طلب الزواج من والديها. يبقى أخيرًا التأكيد على أنه بالقدر الذي أرى فيه تسهيل الضوابط على زواج السعوديين من الخارج، فإنني أشارك الدكتورة ابتسام العنبري في المطالبة أيضًا بوضع أنظمة تسهّل زواج السعوديات من غير السعوديين، وتضمن لهنّ حقوقهنّ، وخاصة في حال الطلاق، وأهمها التجنيس المباشر للأطفال. [email protected]