تتحدث اسرائيل عن ما تسميه تبادل أراضي في سياق تصوراتها لحل نهائي للنزاع مع الفلسطينيين، تتطلع من خلاله الى دمج كل من مصر والأردن ضمن عملية التبادل تلك، على نحو يهدد بتقويض الخارطة الإقليمية المستقرة من آلاف السنين، ويفتح الباب أمام تحولات لا يعلم مداها الا الله، فيما يطرح البروفسور ايوجين روجان وهو باحث بريطاني متخصص في تاريخ منطقة الشرق الأوسط( تنشر المدينة رؤيته بالصفحات السياسية اليوم) رؤية تتحدث عن تبادل البشر لا الأراضي ويمضي الباحث في طرح رؤيته مشيرا الى إمكانية عودة اللاجئين الفلسطينيين من مخيماتهم في سوريا ولبنان والذين يقدر عددهم بنحو أربعمائة ألف الى اسرائيل ليعيشوا في مناطق تؤهلها لهم اسرائيل متمتعين بجنسيتهم الفلسطينية وخاضعين بنفس الوقت للقانون الاسرائيلي، مقابل أن يعيش المستوطنون اليهود بالضفة الغربيةوالقدسالشرقية في المستوطنات القائمة، محتفظين بجنسيتهم الاسرائيلية وخاضعين بنفس الوقت للقانون الفلسطيني. ما يطرحه د. روجان قد يكون رؤية فيلسوف أكثر مما هو تصور رجل سياسة، لكنه يتفق مع مبدأ التبادل الذي سبق ان طرحته اسرائيل، وان كانت تعني به الأراضي لا السكان، ومع أن الوضع الإقليمي المتأزم يقتضي خيالا سياسيا، وافقا أرحب لطرح تصورات عملية تتيح التوصل الى صيغة لحل نهائي يكفل قيام الدوليتن الفلسطينية والاسرائيلية، جنبا الى جنب، لكن المنطقة التي تواجه مستقبلا مفتوحا على كل احتمالات المواجهة والتصعيد، لا تبدو مؤهلة بعد لا لابتكار الحلول ولا للقبول بها، فالاسرائيليون الذين ضربوا بالتهديدات الأمريكية عرض الحائط مواصلين البناء في القدسالشرقية، ليسوا طرفا مؤهلا لشراكة سلام، وقوى اليمين المتشدد المؤتلفة مع حكومة نتانياهو تبدو أكثر حرصا على أمرين أولهما مواصلة الاستيطان في اراضي الضفة الغربية التي يسمونها ب “يهودا والسامرة”،وثانيهما التأكيد على الطابع اليهودي لإسرائيل، بمعنى عدم القبول بوجود غير اليهود بما فيهم عرب 1948 داخل أراضي اسرائيل. وهكذا تتبدى الحاجة الى تغييرات في التصورات والمعتقدات قبل التحدث عن امكانية تداول أراء مثل تلك التي يطرحها البروفسور البريطاني. حسابات القوة وموازينها هي وحدها التي تستطيع تطويع المواقف الصلبة وتليين الرؤوس الجامدة في اسرائيل، وهو ما يتعين على العرب أن يجدوا سبيلا اليه قبل التحدث عن سلام لا يمكن ان يقوم في اللحظة الراهنة بغير تكريس مكاسب للصهاينة على حساب الطرف الأضعف.