خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين تطورت بشكل مطرد العلاقات السعودية – الفرنسية على كافة المستويات والصعد من جراء الأهمية التي باتت توليها باريس للرياض ، وبفضل السياسة التي بدأت المملكة بانتهاجها حيث انفتحت على كل الدول الفاعلة عالمياً رغبة منها في التنويع وفي اعتماد التعددية في علاقاتها الخارجية منعاً لعدم وقوعها تحت وصاية أحادية تحد من طموحاتها او تمنعها من انجاز مسيرة التطوير والتحديث التي اقرها اولياء الأمر . من هذا المنطلق حصل التطور في علاقات السعودية مع اليابان والصين وروسيا ودول آسيا وكافة الدول الأوروبية إضافة الى علاقاتها التقليدية مع الولاياتالمتحدة الأميركية . ومن هذا المنطلق ايضاً رغبت المملكة ان يكون الانفتاح شاملاً ومتنوعاً بحيث لا يقتصر على الجوانب الاقتصادية بل ايضاً على الجوانب السياسية والدبلوماسية والثقافية والفكرية والحضارية والاجتماعية .. وخير دليل على ذلك الحضور السعودي الكبير الذي شهدته باريس خلال الأسبوعين الأولين من شهر مارس الجاري حيث اقيمت فعالية سعودية في معهد العالم العربي عن دور المرأة السعودية ، وفعالية في جامعة السوربون عن حوار الثقافات والأديان ، وفعالية تحت رعاية رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي تحت عنوان : نظرة حول المجتمع السعودي ، وفعالية تمثلت بتوقيع امير مكةالمكرمة خالد الفيصل بوصفه رئيساً لمؤسسة الفكر العربي اتفاقية تعاون مع منظمة الأونيسكو . وهذه الإنجازات سارت بموازاة التطور في العلاقات على المستوى الاقتصادي حيث ارتفعت صادرات فرنسا الى السعودية من 1.6 مليار يورو عام 2005 الى 2.3 مليار يورو عام 2009 ، فيما ارتفعت صادرات السعودية الى فرنسا من 3.6 مليار يورو عام 2005 الى 3.8 مليار يورو عام 2009 ، ناهيك عن المشاريع الاستثمارية الأخرى حيث باتت فرنسا حاضرة بفعالية في السعودية بمجالات تطوير قطاعات الماء والكهرباء والمواصلات وبناء المساكن والصحة والتربية والنفط . ويضاف الى ذلك كثافة الزيارات المتبادلة بين رجال المال والأعمال من البلدين وكذلك العلاقات المميزة بين المرأة السعودية ونظيرتها الفرنسية والتي يتم التعبير عنها عبر لقاءات شبه دورية من خلال المنتديات والمؤتمرات والأنشطة التفاعلية . ولم يلعب هذا التواصل دوراً فقط في مجال تبادل المصالح المشتركة بل ايضاً اتاح للفرنسيين التعرف على حقيقة صورة السعوديين التي كانت حتى وقت قريب مشوهة من جراء حملات اعلامية مغرضة كانت تستهدف المملكة ارضاً وقيادة وشعباً . وأنا على يقين ان ما عرضته هنا بشأن تطور العلاقات بين باريس والرياض ينطبق ايضاً على ما تقوم به الرياض مع كل عواصم القوى المتقدمة بعد ان باتت السعودية القوة العالمية العشرين والتي تساهم من موقعها بفعالية في صناعة القرار الدولي . [email protected]