قال الأستاذ الدكتور عبدالكريم بكار المفكر الإسلامي والداعية المعروف: إن فهم الوجود مشروع تحت التأسيس، فقد مضت سنة الله في الخلق ألا يكتشف العقل البشري الوجود إلا على سبيل التدرج، فلا نستطيع رؤية الوجود ورؤية الأشياء دفعة واحدة، ومهما بذل العقل من جهود ففي كل ظاهرة عنصر غيبي استأثر الله بعلمه وأسئلة لا أجوبة عليها وفهمنا سيظل ناقصاً وبحاجة إلى المراجعة والتسديد وبحاجة إلى التعلم. جاء ذلك في محاضرة ألقاها الدكتور بكار في الجامعة الإسلامية بعنوان "بناء العقل" ضمن برنامجها الثقافي. وقسم الدكتور بكار في محاضرته العقل إلى عقلين: عقل موهوب يتساوى فيه جميع الناس حتى الأطفال، وقد قسمه الله بين كل الأمم بالتساوي، وعقل كسبيّ والمراد به الثقافة، فالعقل الثاني هو الذي يدفع الأمم إلى التقدم لا العقل الأول، وقال: إن القرآن الكريم يركز على العقل الكسبي، وكثير من الدراسات تقول: إن التعليم الجيد يستطيع رفع مستوى الذكاء الفطري لدى الإنسان ب7-8%، والفارق بيننا وبين الأمم المبدعة ليس العقل وإنما الثقافة، والإنسان العادي حينما يتعلم تعليماً جيداً ويتدرب تدريباً جيداً يحفز عقله على العمل الجيّد والتوجيه الصحيح، والعقلان بينهما ارتباط غامض لا نعرف عنه إلا أقل القليل. وذكر بكار من المفاهيم أنه حين تشتد رغباتنا وتتسع دوائر مصالحنا يخفت صوت عقولنا، فيصبح الذي سيطرت عليه شهواته ومصالحه ورغباته يتصرف تصرف الإنسان غير العاقل وغير المتزن، وعلى مدار التاريخ استطاعت المصالح أن تلوي العقول، والحل في المجاهدة ولا يستطيع الإنسان أن يجمع بين مبادئه للحد الأقصى ويحقق جميع مصالحه للحق الأقصى بل في لحظة ما سيتخلى عن أحدهما.