إنها الوصايا التي أطلقتها صحيفة الغارديان لكل مَن يرغب أن يصبح كاتبًا من أعلى رأسه إلى أخمص قدميه. - الوصية الأولى جاءت من الكاتب والسينارست ليونارد الذي ركّز على وجهة نظره بعبارة وهي: (أعد كتابة النص أكثر من مرة)، وهو شرط محقق قارئي العزيز قسرًا، إذ إن دار النشر ستفرض عليك هذه الإعادة، مثل هذه الفقرة تجاوزت الخطوط الحمراء، وهذه الكلمة تحتمل تأويلاً لا يُحمد عقباه. وهكذا حتى يتم ترويض نصّك، وتقليم أظافره حتى يكون أليفًا مهجّنًا. أما الروائية البريطانية ديانا أثيل فتتحفنا بالوصية الثانية، (احذف ما ينبغي حذفه)، وهنا ستجد أيُّها المشروع كاتب أن الرقابة ستأخذ عن عاتقك هذه المهمة، على اعتبارها أكثر دراية منك مهما بلغت عظمة كتاباتك بما هو جدير بسلة المهملات. وجاءت الوصية الثالثة من الكاتبة مارغريت اتوود (حين تحذّرك من فعل الكتابة خارج مكتبك، وتتابع بأن الغابة، والحدائق، والمقاهي، وغيرها ليست إلاّ أماكن خادعة)، وهذا بند بالتالي نحن محميّون ومحرومون -والحمد لله- من وجوده أصلاً. ويتدخل المسرحي رودي دويل (ليطلب منك عدم تصفّح الكثير من مواقع شبكة النت حتّى لا تتضارب عندك المعلومات، ويتشتت تركيزك)، هل عرفت أيُّها القارئ الآن كم أنك سيئ النيّة؟ ولماذا يتم حجب معظم مواقع النت عنك؟. - أمّا الوصية الخامسة فهي: “لا تكتب لجمهور معيّن” -كما ترى الأديبة هيلاري مانتل، وهو شرط محقق سلفًا.. فنحن لا نستطيع أن نخمّن مَن هو يا ترى قارئنا غدًا حتّى يكون لنا بالتالي جمهور معيّن! ووصية من الأديبة إينرايت تتعلّق بأن عليك أن تتصوّر نفسك ستحتضر في أية لحظة، وعليك إنهاء ما تكتبه، وهذا التصور ليس غريبًا عليك أيُّها القارئ، فإن لم تطلك ناموسة حمّى الضنك، فلن يخطئك بالتأكيد سيل عارم بسبب انعدام شبكة مياه الصرف. أما ديفيد هير المسرحي فيطلب منك أن تركّز على السخرية في كتاباتك؛ لأن الضحك أفضل وسيلة لإيصال فكرتك. ولعمرى فإنى قد وجدت هذا البند من أكثر البنود توفرًا، ولكن على أن يتم ذلك بالعكس، فهناك الكثير من حولك ممّن يسخر ممّا تكتبه، ليس لشيء، بل لأنه لم يستطع الوصول إلى فكرتك. والوصية الأخيرة من الشاعرة هيلن دينمور: استمع أنت لما تكتبه فقط! بمعنى أن لا تُسمع أحدًا بذلك حتى يتم نشره. وأقول ياحسرتى مَن تراه فاضيًا هذه الأيام ليستمع لك دون أن يتثاءب لك بكل بلادة! إلاّ إذا كان موظفًا لديك ينتظر علاوة. انتهت الوصايا قارئي العزيز. وكما قرأت فإنها في منتهى البساطة.. طريقك نحو القمة مفروش بالورود.. فقط ابرِ قلمك ثم تبّرأ من قرّائك.