قالت مصادر فلسطينية إن وزراء خارجية عرب أجروا الليلة قبل الماضية اتصالات عاجلة مع مسؤولين أمريكيين بشأن القرار الإسرائيلي بإقامة 1600 وحدة استيطانية جديدة في مدينة القدس، حيث تم في هذه الاتصالات إبلاغ المبعوث الأمريكي جورج ميتشل أن قرار لجنة المتابعة العربية الخاص بالموافقة على المفاوضات غير المباشرة لم يعد قائماً على ضوء القرار الإسرائيلي، كما نقلت صحيفة «الأيام» المحلية الصادرة في رام الله أمس عن المصادر. وجاءت هذه الخطوة العربية في ظل إدانة واسعة لقرار إسرائيل بناء وحدات استيطانية جديدة في القدس، وأبلغ فلسطينيون جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي أمس أن خطة اسرائيل الجديدة لبناء 1600 منزل لمستوطنين يهود تمثل تحديا لجهود واشنطن لبدء محادثات سلام غير مباشرة. وفي القدس اعتذر وزير إسرائيلي عن ما وصفه بانه «إحراج حقيقي» لبايدن بسبب توقيت القرار ، وأدان بايدن المشروع الذي ألقى إعلانه بظلاله على رحلته لإسرائيل التي تركزت على طمأنة الإسرائيليين بأن الرئيس باراك أوباما ملتزم بأمنهم في مواجهة تهديد نووي إيراني محتمل. وقال سلام فياض رئيس الوزراء الفلسطيني في اجتماع مع بايدن «هذه لحظة تحد كبير للجهود التي تبذلها الولاياتالمتحدة لاستئناف العملية السياسية»، وقال فياض إن قرار إسرائيل «ضار بالتأكيد» و «يقوض الثقة بلا ريب في احتمالات السلام» . وقال مساعدون لنتنياهو انه لم يكن على علم بإعلان المشروع من جانب وزارة الداخلية التي يتولاها حزب شاس القومي المتشدد وهو شريك رئيسي في ائتلافه الحاكم. ووافق هذا الاسبوع الفلسطينيون الذين كانوا يطالبون بتجميد كامل للبناء كشرط لاستئناف المحادثات المعلقة منذ ديسمبر 2008 على اجراء مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل بوساطة أمريكية لكن لم يحدد لها مكان أو موعد أو جدول أعمال بعد. وقال صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين أن المشروع سيتصدر جدول أعمال اجتماع سيعقده بايدن في وقت لاحق اليوم مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي سيطلب منه الضغط على إسرائيل للعدول عن القرار. وقال مسؤول إسرائيلي بارز «تم توجيه رسائل لبايدن والأمريكيين انه لم يكن هناك قصد باحراجه» . وأضاف «نحن مندهشون حقيقة مثلما اندهش الأمريكيون»، لكن نتنياهو لم يتخذ أي خطوات للعدول عن القرار. ويعد ترويج شاس لمشروع رامات شلومو (بناء 1600 منزل للمستوطنين اليهود) بمثابة إشارة لإدارة اوباما عن المشكلات التي سيواجهها نتنياهو داخل حكومته إذا اتخذ خطوات جريئة كما طلبت واشنطن باتجاه اتفاق مبادلة الأرض بالسلام مع الفلسطينيين. وأبقى بايدن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وزوجته سارة منتظرين 90 دقيقة في دعوة عشاء أقاماها له ولزوجته جيل أول أمس الثلاثاء بعد إعلان خطة البناء، وقال بايدن في بيان صدر بعد أن وصل متأخرا إلى مأدبة العشاء «ادين قرار حكومة اسرائيل المضي قدما في التخطيط لوحدات سكنية جديدة»، وقال إن مخطط إنشاء حي رامات شلومو -وهو مستوطنة يهودية دينية في منطقة في الضفة الغربية ضمتها إسرائيل للقدس- «يقوض الثقة التي نحتاجها الآن ويتعارض مع المباحثات البناءة التي أجريتها هنا في إسرائيل» . ودان الاردن قرار اسرائيل «الاستفزازي» وعبر نبيل الشريف وزير الدولة لشؤون الاعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة الاردنية في تصريحات نشرت أمس، عن «رفض الاردن لهذا القرار الاستفزازي»، وأكد ان «من شأن هذه الاجراءات ان تعرقل الجهود الاميركية الرامية لاطلاق جولة جديدة من المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين»، وأضاف الشريف ان «هذه القرارات والاجراءات المرفوضة عالميا من شأنها أيضا أن تقوض فرص احلال السلام في المنطقة إذ إن الاستيطان يعد خروجا على قرارات الشرعية الدولية». وفي القاهرة قال المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية بناء 1600 وحدة استيطانية في القدسالشرقية يشكل «خطرا حقيقيا» على جهود تحقيق السلام والتي لم تبدأ بعد، وذكر المتحدث أن تلك الأنباء ، بالإضافة إلى ما تم إعلانه من خطط لتشييد 112 وحدة في مستوطنة إسرائيلية قرب مدينة بيت لحم الفلسطينية، إنما تعنى «أن الأطراف التي تعمل ضد السلام وضد إقامة الدولة الفلسطينية تأسيسا على جهد الإدارة الأمريكية ،إنما أصبحت تشكل المعوق الرئيسي في سبيل تحقيق السلام في الشرق الأوسط»، وقال المتحدث إنه، تنفيذا لتوجيهات وزير الخارجية ، أحمد أبو الغيط قامت الوزارة بإجراء اتصالات عاجلة مع المسؤولين في الجانب الأمريكي لإحاطتهم برفض مصر القاطع لهذه الخطوات الإسرائيلية وبغض النظر عن الطرف الإسرائيلي الذي سمح باتخاذها، وطلب مصر تجميد هذه الخطط إلى أجل غير مسمى ، إذا كانت الحكومة الإسرائيلية جادة في تحقيق السلام، وأضاف أن اتصالات مصرية تمت مع الجانب الإسرائيلي بشكل مباشر لإبلاغه بنفس الرسالة. وأكد المتحدث أن أبو الغيط سيوالي اتصالاته على مدار اليومين القادمين «من أجل وضع حد لهذا العبث الذي يستخف بالمواقف الفلسطينية والعربية وأيضا بالوساطة الأمريكية ويسعى لضرب جهود تحقيق السلام في مقتل من خلال تغيير الأوضاع على الأرض بالمخالفة للقانون الدولي» . وقال نائب الرئيس الاميركي جو بايدن «إن القرار ينسف الثقة الضرورية التي نحتاجها الان»، وقال بايدن «اني ادين قرار الحكومة الاسرائيلية بالمضي قدما في خططها لبناء مساكن جديدة في القدسالشرقية»، واضاف «ان هذا الاعلان بمضمونه وتوقيته، وخصوصا مع اطلاق المحادثات (غير المباشرة بين الاسرائيليين والفلسطينيين) هو بالتحديد نوع الاجراء الذي ينسف الثقة الضرورية في الوقت الراهن ويذهب في الاتجاه المعاكس للمحادثات البناءة التي اجريتها في اسرائيل». وعبر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون عن «ادانته» للقرار الاسرائيلي وجاء في بيان الاممالمتحدة ان «بان كي مون يكرر التاكيد ان المستوطنات غير شرعية بموجب القانون الدولي وان انشطة الاستيطان تخالف التزامات اسرائيل بموجب خارطة الطريق وتنسف اي تحركات نحو عملية سلام قابلة للاستمرار». ووفقا للإذاعة الإسرائيلية فقد استنكر مكتب وزير الدفاع إيهود باراك الإعلان باعتباره جاء في توقيت يضر بالمفاوضات مع الفلسطينيين، كما اعتبر أنه يؤثر على الثقة المتبادلة التي عملت وتعمل إسرائيل منذ شهور عديدة لخلقها، واعرب الوزير يتسحاق هرتسوج من حزب العمل ، الذي يترأسه باراك ، عن سخطه من القرار ، وقال : «الحديث يدور عن خطأ جسيم وسوء ادارة بيروقراطية حكومية كان من الواجب الا تحدث أصلا بأي حال من الأحوال»، أما عضو الكنيست الإسرائيلي عن حزب كاديما يوئيل حسون فرأى أن القرار يعد إهانة لنائب الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال زيارته لإسرائيل وأن هذه الإهانة أكبر من إهانة نائب وزير الخارجية للسفير التركي.