تعاظم الكوارث الطبيعية خلال السنوات القليلة الماضية، وخصوصًا الفيضانات، وموجات التسونامي، والزلازل، والأعاصير التي ضربت أماكن عدة في العالم دون تفرقة بين دول غنية متطورة، وأخرى نامية فقيرة. هذا التعاظم جاء نتيجة طبيعية لاختلال النظام البيئي العالمي، وزيادة انبعاث الغازات، وتجفيف البحيرات، والاستهلاك الزائد لمياه الأنهار والبحيرات، وغير ذلك من الأسباب التي أدت إلى التغيرات المناخية الراهنة التي أصبحت تشكل ظاهرة كونية جديدة لم يألفها العالم من قبل، ليس فقط من حيث زيادة عدد تلك الكوارث التي لم يعد يفصل بينها فاصل زمني كبير، وإنما أيضًا من حيث شدتها وتعدد أشكالها، الأمر الذي تسبب في خسائر فادحة في الموارد البشرية والاقتصادية في عديد الدول في أماكن متفرقة من العالم، كان آخرها الزلزال الذي ضرب هايتي في يناير الماضي، وأودى بحياة حوالى 230 ألف شخص، ودمّر ثلث مبانيها، ثم الزلزال الذي ضرب تشيلي أمس الأول الذي لم يتحدّد حتى الآن حجم خسائره البشرية والمادية. وإذا كان من المسلّم به أن تلك الكوارث من صنع الطبيعة، إلاّ أنه من المفروغ منه أن التغيرات المناخية التي أفضت إلى تلك الكوارث بهذا الشكل المريع لم تأتِ من فراغ، وإنما نتيجة النشاط الصناعي الزائد عن الحد، وسباق التسلح المحموم الذي انخرطت فيه الدول الصناعية الكبرى على مدى نصف قرن، كانت غالبية الدول النامية تقع خلاله تحت نير استعمار تلك الدول التي استنزفت ثرواتها وجعلتها حقلاً لتجاربها النووية، وهو ما يعني أن الدول الفقيرة النامية دفعت فاتورة باهظة لممارسات الدول الصناعية والاستعمارية مرتين. عقد الأممالمتحدة العديد من المؤتمرات حول التغير المناخي وآثاره، بدءًا من مؤتمر ريودي جانيرو، ثم مؤتمر كيوتو، وأخيرًا مؤتمر كوبنهاجن، وتوقيع غالبية الدول على الاتفاقيات التي تمخضت عن تلك المؤتمرات يعتبر خطوة إيجابية، لكنها ليست كافية، إذ يتطلب الأمر شراكة عالمية أكثر فاعلية على صعيد التخفيف من وطأة الآثار السلبية للكوارث التي تصيب الدول النامية بشكل خاص، كونها المتضرر الأكبر من تلك الكوارث.