في فلسفة الإسلام في الأموال والنقود موقف حاسم يحرم الاتجار في النقود لأنها بدل سلعة ومنفعة ، وليست " سلعة" تتم التجارة بها وفيها.. لأن التجارة فى الأموال والنقود فضلا عن أنها نشاط طفيلي غير منتج للمنافع الحقيقية التى تضيف للثروات فى إضافات حقيقية – فإن هذه التجارة الطفيلية الربوية – تؤدي إلى كنز هذه الأموال والنقود بتركزها في مؤسسات الربا التى تتجر بالنقود – وإلى تركيز الفقر عند جمهور الناس!. وهذه الفلسفة الإسلامية في الحكمة من وراء النقود هى التى وقفت وراء تحريم الربا فى الإسلام لأنه نشاط طفيلى، النقود فيه تثمر نقوداً دون عمل منتج .. ولأنه مليء بالغرر – الذى نراه الأن فاشيا وواضحاً فى مؤسسات السمسرة والمضاربات والمقامرات على النقود.. وفي الاجماع على تحريم الإسلام لهذه الرأسمالية الطفيلية التى تقود عالمنا المعاصر إلى المقصلة بقول الفقيه المالكي أبو الوليد ابن رشد (530 595 ه11261198 م) فى كتابه الذى خصصه لفلسفة اختلافات الفقهاء ( بداية المجتهد ونهاية المقتصد) "إنه يظهر من الشرع أن المقصود بتحريم الربا انما هو لمكان الغبن الذى فيه وان العدل فى المعاملات انما هو مقاربة التساوى لذلك لما عسر إدراك التساوى فى الاشياء المختلفة الذوات جعل الدنيا والدرهم لتقويهمها أعنى تقديرهما إذا كانت هذه ليس المقصود منها الربج وانما المقصود بها تقدير الأشياء التىلها منافع ضرورية" وذات الموقف نجده عند العلاقة لابن قيم الجوزية (691571 ه 1292 1350م ) الحنبلى فى كتابه ( إعلام الموقعين عن رب العالمين ) والذى يقول فيه: "إن المقصود بالسكة ( النقود) أن تكون معيار للناس لا يتجرون فيها ويشتد الضر من فساد معاملاتهم والضرر الملاحق بهم حين انخذت الفلوس سلعة تعد للربح فعم للربح نعم الضرر وحصل للظلم ولو جعلت ثمنا واحداً لا يزيد ولا ينقص بل لقوم به الاشيتاء ولا تنفو هى بغيرها لصلح او الناس فى الاثمان لا تقصد لأعيانها بل يقصد التوصل بها إلى السلع لإإذا صارت فى انفسها سلعاً تقصد لأعيانها فى امر الناس وسر المسألة أنهم منعوا من التجارة فى الاثمان بجنسها لأن ذلك يفسد عليهم مقصود الأقليات وفى العصر الحديث اتخذ الاستاذ الامام الشيخ محمد عبده (12611323ه /1849 1905م) ذات الموقف الاسلامى من وظيفة الأموال والنقود .. فقال وهو الحقى المذهبى فى تفسيره للقرآن الكريم. "إن النقدين انما وضعها ليكون ميزانا لتقدير قيم الأشياء والتى ينتقع بها الناس فى معايشهم فإذا تحول هذا وصار النقد مقصوداً بالاستغلال،فإن هذا يؤدي إلى انتزاع الثروة من أيدي أكثر الناس وحصرها في أيدي الذين يجعلون أعمالهم قاصرة على استغلال المال بالمال،فينموالمال ويربو عندهم ويخزن في الصناديق والبيوت المالية المعروفة بالبنوك،ويبخس العاملون قيم أعمالهم،لأن الربح يكون معظمه من المال نفسه،وبذلك يهلك الفقراء"لذلك حرم الله الربا". إن اوربا نجحت فى تحرير الناس من الرق ولكنها غفلت عن رفع نير الدينار عن أعناق الناس اللذين ربما استبعدهم المال يوما ما. تلك هى فلسفة الاسلام فى الاموال والنقود.. وهكذا تكلم فقهاء الاسلام – من كل المذاهب .. والبقاع، ومنذ قرون وكأنهم يقدمون الحل الاسلامى الالهى لمأزق الراسمالية الغربية المتوحشة التى تقود العالم إلى حافة الإنهيار فى القرن العشرين؟!