وضعت عملية اغتيال المبحوح في دبي أربع دول أوروبية في مواجهة حقيقية مع إسرائيل بلغت حد استدعاء تلك الدول لمسؤولي السفارات الإسرائيلية لديها. وإذا كان البعض يقلل من أهمية هذه الإجراءات واعتبار أن الضجة الدولية القائمة الآن حول جوازات السفر سوف تتبخر بسرعة، لاسيما وأن الشخص الذي تم اغتياله هو أحد قادة حماس التي تعتبرها دول الغرب منظمة إرهابية ، وبعد اتهامات وسائل إعلام بريطانية مؤخرًا لجهاز الاستخبارات البريطاني بأنه كان على علم مسبق بتنفيذ الجريمة ، وأن حكومة براون تبدو مرتاحة من السماح للاستخبارات الإسرائيلية بشن حربها ضد حماس تحت الراية البريطانية على حد وصف صحيفة “جارديان” البريطانية الخميس الماضي ، إلا أن تفاعلات هذه القضية تؤكد على أنه لا يمكن النظر إلى العملية على أنها شكل من أشكال تصفية الحسابات بين إسرائيل وحماس ، وإنما من منظور آخر أكثر أهمية وخطورة لأنه يتعلق بانتهاك إسرائيل لسيادة تلك الدول ، حتى إن فرنسا أصبحت تحقق في أن أحد المشتبه بهم تبين أنه دخل دبي بجواز سفر فرنسي دبلوماسي ، وهو ما يؤكد أن إسرائيل ذهبت بعيدًا في استهتارها بالتعامل مع دول غربية كبرى. يفترض أنها من أقرب أصدقائها ، الأمر الذي يفترض أن تقوم هذه الدول باتخاذ الإجراءات الرسمية التي يتطلبها هذا الموقف وإثبات أنها تتخذ الموقف الصحيح الذي يعكس حرصها على سيادتها ، ويؤكد على تمسكها بحقوقها وحقوق مواطنيها التي تعرضت للانتهاك من خلال هذا النوع الجديد من الإرهاب والقرصنة. تقاعس حكومات الدول الأوروبية الأربع التي استخدمت جوازات سفرها في جريمة قتل عابرة للقارات عن اتخاذ اجراءات صارمة بحق اسرائيل التي استباحت رموز سيادة تلك الدول سوف يضع حكومات اوروبية في دائرة الاشتباه، سواء بالتورط المباشر في الجريمة أو في العلم بها دون المبالاة باستخدام وثائق سفر رسمية صادرة عنها، أو باستخفافها بالمساس برموزها وسيادتها من قبل الموساد الاسرائيلي، الأمر الذي قد يضع جوازات سفر رعاياها في مطارات العالم موضع الشك والتدقيق. المطلوب من الدول العربية اتخاذ هذه الجريمة الإرهابية المزدوجة التي ارتكبتها إسرائيل كنقطة ارتكاز لحملة منظمة مدروسة تقودها جامعة الدول العربية لدفع المجتمع الدولي إلى إدراج الموساد ضمن قوائم المنظمات الإرهابية على مستوى العالم.