يفتتح معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة مساء اليوم الأربعاء بصالة أتيليه جدة للفنون المعرض الشخصي للفنان والشاعر محمد الشهدي، ويعد هذا المعرض الشخصي الثامن للفنان والذي سيقدم من خلاله العديد من اللوحات ذات الاتجاه التجريدي للحرف العربي الذي عُرف به. وحول المعرض يقول الشهدي: بداية أقدم خالص الشكر والتقدير لمعالي وزير الثقافة والإعلام الذي شرفني بالموافقة على افتتاح المعرض رغم مشاغله الكثيرة؛ وهذا يدل على اهتمامه بالفن التشكيلي والفنانين سواء من داخل السعودية أو من كافة الأقطار العربية، فمعالي الدكتور خوجة رجل مثقف وشاعر وسيكون حضوره للمعرض نجاحًا لي شخصيًّا ولأعمالي لما عرف عنه من حب وشغف بالاعمال الفنية. ويضيف الشهدي: محور المعرض يتركز حول العين كمحور شبه عام والتعاطي معها كبعد فكري، فأنا اعتبر العين نصف الحياة فالعين هي بوابة الإنسان وهي تفرز ذلك للعقل. كما أركز فيه على الحرف العربي هادفًا من ذلك إلى الحفاظ على خصوصية الحرف العربي من خلال الارتقاء به ومحاولة جعل الحرف العربي مرنا وفيه تمازج مع الألوان مع وجود توازن بحيث لا يطغى الغموض التجريدي على العمل. واعتبر الشهدي أن هذا المعرض من أهم المحطات في حياته الفنية، رغم أنه سبق وأن قدم عددًا من المعارض الشخصية بلغت في مجملها سبعة، متمنّيًا أن يحظى معرضه بالمتابعة والحضور من كل محبي الفن التشكيلي والخط العربي. شهادات حول تجربة الشهدي وقد أشاد عدد من النقاد بتجربة الشهدي حيث يقول الناقد السيد الجزايرلي: يتميز الفعل الإبداعي لدى الفنان محمد الشهدي بأنه نتاج تجربةٍ تمشي على مسارين متداخلين أو متمازجين.. الأول هو مسار الكتابة بما تحتوي من تشكيل وتصوير باللغة، والثاني هو مسار التشكيل بما يحتوي من رسمٍ بالحروف والكلمات، فالفنان الشهدي عندما يكتب نصًّا شعريًّا أو سرديًّا ينحاز بشكلٍ لا إرادي ربما إلى خاصية التصوير، أي (الصورة الشعرية) إذا كان النص قصيدة، و(المشهد السردي) إذا النص قصة أو رواية، ومن خلال اللغة التي يجيد توظيفها بدرجة كبيرة من الدراية والتفرد.. ويضيف الجزايرلي: يمكن لنا أن نشاهد لوحة تشكيلية داخل نصه الأدبي، والأمر كذلك عندما يرسم يمكن لنا أن نقرأ نصًّا شعريًّا أو سرديًّا على خريطة لوحته التشكيلية، فهو في الحالتين يسعى إلى شحن مخيلة المتلقي بعناصر بصرية، ويقدم في كثير من الأحيان صياغة لغوية ترتدي عباءة التشكيل، فعندما نشاهد لوحاته تتداعى أمام أعيننا لغة الكتابة، وكأنه يكتب النص الأدبي مستخدمًا أدوات الفنان التشكيلي، أو يرسم اللوحة مستخدمًا أدوات الشاعر أو القاص، ولعل الأعمال الحروفية التي يضمها هذا المعرض أبلغ الشواهد على أن الفنان الشهدي ينطلق ذهابًا وإيابًا من فتنة اللغة إلى دهشة التشكيل، ومن دهشة التشكيل إلى فتنة اللغة، ليقدم لنا تجربة أبسط ما يقال عنها أنها نتاج وعيٍ ثقافيٍ ناضج، وخبرةٍ مصقولةٍ بالتجريب والتمرس. توظيف الحرف العربي أما الدكتور سعد العبد فقد كتب عن تجربة الشهدي قائلا: قدم التشكيلي محمد الشهدي لذائقة التشكيل العربي الأصيل تجربة إبداعية جمالية قوامها توظيف الخط العربي في أعمال تشكيلية تصويرية إبداعية تجسد مفهوم الجمال، من خلال جملة من الإمكانات التقنية والأسلوبية التي يمتلكها، حيث وظف الحرف العربي بتقنياته التي تتوافق وخصائصه التشكيلية فهناك الاستطالة والتطاير في أفق العمل محقّقًا حسًّا حركيًّا جماليًّا متوافقًا، كذلك يرى المتأمل تراكبًا جماليًّا وتكبيرًا وتصغيرًا في حركة تبدو دوامية تارة وتارة أخرى تعبر عن التحرر والعفوية والتناسب الجمالي. لقد حقق حسًّا جماليًّا يجمع بين مجموعة من التوافقات التي تتحقق بين الشكل والمضمون كذلك بين التوظيف اللوني بجمالياته ودفئه، وكذا بين تناسبية الحروف المستخدمة من حيث تقوسها واتساعها واحتوائها لجملة العناصر الإيحائية والإيهامية المستخدمة. ويضيف سعد: إن أعمال الشهدي التشكيلية تعد بمثابة ترجمة إبداعية وقراءة جمالية لإمكانات مفردة تعلو مختلف مفردات الفكر التجريدي جماليةً، لقد استلهمها الفنان وصاغها وفق مجموعة من المفاهيم والفلسفات وبأسلوب متفرد يتميز بنسق بنائي جمالي يقوم على التزاوج بين ليونة العضوية ونعومتها وبين صلابة الهندسية وعنفوانها.. كما جمع بين الخط الهندسي بجسارته والخط الدائري المتقوس برقته وحنينه. إن أعماله تنم عن مخزون من طبقات الفكر الجمالي والثقافة التشكيلية التي يتسم بها الفنان، فكأن مفرداته تصور عالمًا متكاملاً من مفردات تحس وتتحاور وتتهامس، بل إنها في حوار مستمر وتفاعل وحالة من الحكي والتشاور. ويختم السعد بقوله: لم يقتصر الفنان في توظيفه للحرف العربي على تلك المفردات التي تشملها الأبجدية العربية فحسب بل غلفها بفكر وجماليات عكست على أعماله الفنية مضامين ومفاهيم ومعاني ترتبط بجنس الحرف ولا تختلف عنه كثيرًا مما أضاف لأعماله حسًّا روحانيًّا يمتد ليشمل المشاهد ويغمره ويحتويه بما يمتلكه من مضامين أكسبت أعماله ثراءً فنّيًا وحسًّا جماليًّا يخلد ثقافة وفكر الفنان ووعيه.