أحسن فخامة الرئيس اليمني صنعًا عندما أعلن أمس الأول عن استمرار الالتزام باتفاق وقف النار الذي أمكن التوصل إليه مع المتمردين ليلة الجمعة بالرغم من خرقهم للاتفاق بعد أقل من 24 ساعة من إقراره، وذلك عبر محاولتهم اغتيال قائد العمليات العسكرية في صعدة ، فقد أكد الرئيس علي عبدالله صالح من خلال هذا الموقف أنه يراهن على سلام وأمن ووحدة واستقرار اليمن ووقف نزيفه الداخلي، على افتراض أن بعض المتمردين لم يكن لهم علم بوقف إطلاق النار. وهي بادرة للنوايا الحسنة من جهة الحكومة اليمنية تتطلب من زعماء التمرد في المقابل إثبات سيطرتهم على عناصرهم وإظهار الحرص على احترام بنود الاتفاق الستة التي التزموا بها كشرط لوقف تلك الحرب التي يفترض أنهم تعلموا من دروسها القاسية وفي مقدمتها عدم جدوى الاستقواء بالخارج للمساس بالتراب الوطني ومحاولة زرع الفتن. وقف النار في حرب اليمن مع المتمردين التي حملت الرقم 6 واستغرقت نحو ستة أشهر وتخللها العديد من مظاهر الدمار والخراب والقتل لا ينبغي ان يكون غاية في حد ذاته، وإنما ينبغي النظر إليه على أنه خطوة ضرورية على طريق المصالحة الوطنية الشاملة ، على أمل أن تتلوه خطوات أخرى على صعيد تعزيز وحدة اليمن وترسيخ الأمن والاستقرار في ربوعه وتحقيق شروط ومقومات التنمية المستدامة التي يسعى إلى بلوغها في أقرب وقت ممكن. اليمن في أمس الحاجة الآن للتفرغ لاستحقاقات المرحلة الجديدة ، مرحلة البناء والنماء والسلام الأهلي بما يتطلب من جميع أبنائه أن يجعلوا هذا الهدف مهمتهم الرئيسة وهدفهم الأسمى بدءًا من تقيد المتمردين بنقاط الاتفاق الست ، وفتح الطرق وإزالة الألغام والنزول من المرتفعات وإنهاء التمترس والقنص وإطلاق المحتجزين بما يتيح تهيئة الأجواء لإعادة إعمار ما دمرته الحرب ، وعودة النازحين إلى ديارهم وتضميد الجراح وفتح صفحة جديدة ليمن جديد تسوده أجواء الأمن والسلام والاستقرار والرفاهية في إطار وحدة وطنية راسخة ، وهو ما تتطلع إليه المملكة وكافة دول مجلس التعاون الخليجي إقرارًا للحقيقة بأن استقرار اليمن وازدهاره ونماءه ليس مصلحة يمنية فقط، وإنما مصلحة مشتركة لكافة دول المنطقة.