سيطرت أحداث العام المنصرم المتمثلة في الأزمات الثقافية التي شهدتها مصر، وخسارته لمعركة انتخابات منظمة اليونسكو على أعمال وزير الثقافة المصري فاروق حسني التشكيلية، والتي قدّمها في معرضه المقام حاليًا بقاعة الزمالك للفن بالقاهرة في أول ظهور تشكيلي له بعد انتخابات اليونسكو التى بدا تأثيرها واضحًا على طريقة تعامله مع مساحات الألوان باستخدم درجات متقدمة من الألوان في سياق تجربته التجريدية، ولكن بشكل جديد، حيث لم يبتعد حسني عن أسلوبه التجريدي، ولكن الملاحظ أن لوحاته في هذا المعرض غلبت عليها مساحات من اللون الأصفر في استخدام جديد بعيد عن ألوانه المفضلة، وانتشار مساحات واسعة من اللون الأسود، الذي علل حسني استخدامه له بقوله: اختيار اللون لا يعبر دائمًا عن حالة معينة، فمثلاً يرتدى الناس اللون الأسود في أفراحهم، وهو لون ليس بالضرورة يعبّر عن حالة الحزن، وكذلك اللون الأصفر؛ وبالتالي فيلاحظ فهم اللوحات في إطار تجريدي كانعكاسات لظواهر مرئية فى العالم الحقيقى مثل المباني والمناظر الطبيعية وحتى الفضاء الخارجى. مضيفًا: المشاعر هى التى تختار ألوانها، ولا أري الأسود لونًا واحدًا؛ لكنه مجموعة من الألوان، مجموعة مشاعر تخرج فى لحظة واحدة، الأسود في اللوحات هنا لون احتفالي، والمساحة التى تحدد اللون، ويعطي سمة للّوحة. قدم حسني خلال المعرض 28 لوحة انجزها خلال عام 2009 عقب عودته من العاصمة الفرنسية باريس مفرغًا فيها شحنة من المشاعر المتصادمة داخله بعد معركة اليونسكو، وفترة قاربت على خمسة أشهر لم يدخل فيها مرسمه وصفها ب “مرحلة الجوع” بقوله: لم أرسم نهائيًّا أثناء فترة انتخابات منظمة اليونسكو، حيث توقفت عن الرسم تمامًا فلم يكن هناك وقت للرسم، قد أكون رسمت لوحة أو اثنتين، لكن كان العمل والتحضير والدراسة والسفر والاجتماعات والبحث عن أسلوب جديد يخدم المنظمة، بالإضافة إلى عمل الوزارة يشغلني بصورة كبيرة. واتفق نقاد تشكيليون حضروا افتتاح المعرض على تأثير أحداث العام الماضي على تناول فاروق للوحات المعرض بأسلوب يؤكد تميزه في الخط التجريدي الذي يتبعه منذ فترة طويلة، وعن ذلك يقول التشكيلي فريد فاضل: “من الواضح أن أكثر لوحات المعرض أنجزت بعد انتخابات اليونسكو، وأرى أن بها حالة من الاستقرار وليس الحزن، فقد قدم حسني معرضًا للتفاؤل وليس الحزن رغم كثرة استخدامه للون الأسود، والجديد في اللوحات هو الاعتماد على مساحات لونية جريئة وغير متوقعة، ففي المعرض السابق تعامل حسني مع اللوحة وكأنها فضاء مفتوح ولكنه الآن ينقلنا إلى الأرض، ويضع المتلقي في السماء ينظر إلى الأرض، فنرى مساحات لونية محددة قد تكون من نفس درجة اللون ولكن هناك لون وسط يحدد اتجاه اللون وكثافته. مشيرًا إلى أن استخدام حسني للشكل الهندسي الهرمي ينبع من أن الهرم شكل كوني أزلي يمتلئ بكمية لا محدودة من الأسرار واستخدامه هنا يمثل حالة من الخلود وتحدي الزمن ويمنح العمل قوة الهرم الداخلية السرية. وعلى عكس رأي فاضل يرى الناقد التشكيلي الدكتور سيد هويدي أن هناك حالة من القلق في استخدام اللون في معرض فاروق قد يكون هذا من تأثير انتخابات اليونسكو التى أثرت على أعماله بشكل نسبي، بالإضافة إلى المناخ العام في مصر الذي يمر بأزمة ثقافية. مؤكدًا أن حسني قدم رؤية تتعلق بدلالات اللون، مشيرًا إلى المفهوم النفسي لدراما اللون والمساحة التى تركها الفنان للمتلقي لفهم دلالة اللون حسب رؤيته للّوحة وإسقاط مفهومه لها على نفسية الفنان أو الحالة النفسية الخاصة للمتلقي.